هل ابتسمت زهرة عباد الشمس؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

في عام 1924 بعث الكاتب والشاعر الروسي فلاديمير نابوكوف، صاحب الرواية الشهيرة «لوليتا»، رسالة إلى زوجته «فيرا»، كتب فيها: نعم أنا بحاجة إليكِ يا حكايتي البديعة، فأنتِ الإنسان الوحيد الذي بإمكاني أن أتبادل الحديث معه حول التلوينات الدقيقة لسحابة، وأنتِ الوحيدة التي يمكنني أن أقول لها وأنا ذاهب للعمل بأنني نظرت في وجه زهرة عبَّاد الشمس فابتسمت لي بكل حيائها.

هناك طرق متباينة يبدأ بها الروائيون رواياتهم وقصصهم، بعض تلك البدايات يشار إليها دائماً باعتبارها «بدايات لا تنسى»، أو «عبقرية»، أو «فاتنة»، ويجمع الجميع على تلك الفتنة فعلاً، وبالفتنة ذاتها يجد هؤلاء تلك التراكيب والمعاني التي يعبرون بها عن مشاعرهم تجاه من يحبون.

إن هذا الرسم بالكلمات في رسالة نابوكوف هو أحد أكثر المعاني تأثيراً وصدقاً، فهو يعترف لزوجته بأن حبه هو انعكاس لإيمانها به. إن الحب المساوي للإيمان حب قوي وفاتن لا يعبر عنه سوى أديب فذ مثل فلاديمير، صاحب الإبداعات التي لا تجارى.

ليست كل الحكاية في الحب الذي نحمله لمن نحب، لأحبتنا وعائلتنا، وأصدقائنا وحتى أنفسنا، فقبل ذلك علينا أن نثق بهم ونصدقهم مهما جنحت أفكارهم وبدا للآخرين أنهم مجانين، حين يتصرفون بغرابة ويتخيلون بلا عقلانية ويتحدثون بما يدفع للشك في قواهم العقلية، وحده المحب الحقيقي من يؤمن دون تردد، ودون شك، بالرغم من أن الشك يجري في عروق الإنسان قبل دمائه.

يقولون لا يتجاور الحب والشك في قلب عاشق، فأحدهما لا بد أن يطرد الآخر حتماً، كما يقولون إن الشك في الحب هو بداية النهاية، لقد آمنت فيرا بزوجها نابوكوف، يقول لها في رسالته: «حتى لو قلت لك إن زهرة عباد شمس ابتسمت لي وأنا ذاهب للعمل ستصدقينني، لذلك فأنت الوحيدة التي أجرؤ أن أقول لها ذلك وأنا مطمئن». إن جوهر الحب الثقة والإيمان والطمأنينة.

Email