حكاية السؤال الأول

ت + ت - الحجم الطبيعي

ألم يسألك صديقك أو زميلك في العمل سؤالاً له علاقة بتصرف أو فعل ما حدث للمرة الأولى في حياتك؟ ألم تبتسم؟ ألم تبتهج بالأحرى؟

ألم تأخذك الذكرى بعيداً جداً إلى ذلك الحدث الذي حصل للمرة الأولى في حياتك؟ المدرسة الأولى التي درست فيها مرحلتك الابتدائية؟ أول هدية تلقيتها؟ أو كتاب اشتريته؟ أول مرة ركبت فيها الطائرة؟ أول مرة كذبت فيها على أهلك عندما عدت متأخراً للمنزل في سنوات المراهقة والشيطنات التي لا تنسى..

وحينما تعبر طرقات وأسواق وأحياء المدينة، ويدهشك هذا التغيير الذي طالها، وتجد أن كل شيء غدا متوافراً وبكثرة، وأنك لم تعد تفتقد شيئاً وتبحث عمن يجلبه لك من الخارج كما كان كثيرون يفعلون في سنوات ما قبل التحولات، ألا تتساءل عن البدايات؟ بدايات ظهور المراكز التجارية والمقاهي (مقاهي الرجال ومقاهي النساء) ومحلات بيع الورد والهدايا والأحذية والعطور؟

فمن منكم يتذكر أول محل للحلويات افتتحته سيدة لبنانية كانت تبيع فيه (الميل فاي) في شارع الرقة بداية سنوات الثمانينيات؟ وأول كوفي شوب خاص بالنساء فقط افتتحته فتاة إماراتية في مركز الغرير أول مراكز التسوق في المدينة؟

حكاية أول شيء حدث في حياتنا أو في تاريخ المدينة التي نسكنها، هو حكايتنا وحكاية تفتح وعينا وإدراكنا لكل ما يحيط بنا، حكاية علاقاتنا وذاكرتنا، حكاية أول مدرسة التحقنا بها تعني أولى خطواتنا باتجاه الخارج، باتجاه الآخر، والمعرفة والصدمات والصداقات، إنها تاريخ انفصالنا عن عالم الحماية والأمان والدخول في المعترك الكبير!

إن حكاية المدرسة الأولى ليست مسألة أبجد هوز وجدول الضرب وعمليات القسمة فحسب، إنها استذكار لعمر طويل مر بنا، إنه حكاية النظرة الأولى الجسورة إلى ما وراء السور الوهمي للعمر، والذي يفصل بين خطوة تلك الطفلة التي نهضت صباحاً لتودع كل ما كان ولتبدأ كل ما سيكون، انطلاقاً من أول مدرسة سيعلمونها فيها أبجديات الحياة.

Email