جودة الحياة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

نقرأ ونسمع الكثير من المصطلحات الجديدة دائماً، إن في جلساتنا الخاصة أو المحاضرات ومواقع التواصل والبرامج الإخبارية، و«جودة الحياة» واحد من هذه المصطلحات التي يكررها البعض كثيراً، دون أن يلتفتوا لحياتهم وما يحيط بهم ليتأكدوا من مدى توافر هذه الجودة في حياتهم!

فذلك الذي يعطيك درساً في حق الإنسان في الحياة الكريمة، والمناخ غير الملوث، والدخل المناسب.. إلخ. يعيش في حقيقته داخل منزل تنقطع عنه خدمات الماء والكهرباء معظم ساعات النهار، إضافة لضعف شبكة الإنترنت وارتفاع معدل التلوث في الشارع، وسوء أحوال الطريق، وتدني الراتب وارتفاع الأسعار، إنها حياة «غير جيدة» بالنسبة لشخص يتحدث ليل نهار عن جودة الحياة!

هل تتذكرون مقدمة رواية «آنا كارنينا»؟ للروسي ليو تولستوي «العائلات السعيدة كلها متشابهة، ولكن كل أسرة تعيسة هي فريدة في تعاستها».

وكما في الأدب، يمكننا القول أيضاً إن الدول المتقدمة كلها متشابهة، ولكن كل دولة متخلفة لديها تعاستها وبؤسها الفريد الخاص بها، ألا يعد أمراً فريداً وجود من يدافع عن التعاسة والفقر والفساد في بعض البلاد، وكذلك امتداح الديكتاتورية رغم حالة الضنك التي يعيشها الناس في المجتمع. إن كل مجتمع محبط يمارس إحباطه بطريقته الخاصة فعلاً!

لذلك تسوء سلوكيات الناس وأخلاقهم ونفسياتهم، كما تكون عظيمة أيضاً وراقية ومتطورة ويشهد الجميع لها، إننا نلاحظ ذلك الرقي والتطور بوضوح منذ أن نطأ أرض أي دولة نسافر إليها أو نختلط بأهلها، حيث يظهر التعامل المهذب والراقي في المطارات وسيارات الأجرة وأماكن الخدمات العامة وفي المطاعم والأسواق، كما يظهر العكس أيضاً.

هذا الرقي المشهود وذلك التسامح، يظلان ماثلين في الذاكرة حتى بعد أن نغادر تلك البلاد التي كنا نزورها، وإذا كان للتربية وأدوات الضبط الاجتماعي الدور الأكبر في مستوى تهذيب الإنسان، فإن نوعية النظام السياسي، وجودة الحياة الفردية والاجتماعية، وتوفير كل ما يحفظ كرامة الإنسان ورغد عيشه؛ لها علاقة وثيقة بكل ذلك الأداء الإنساني.

Email