ببساطة.. تحدث بلغتك

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما الذي تعنيه اللغة لنا ولكل إنسان يحيا ويتحرك ويتفاهم ويتواصل مع العالم حوله؟ اللغة واحدة من عناصر الهوية لكل مجتمع على وجه الأرض، فلا يوجد تجمع بشري لا يمتلك لغته الخاصة به، إنها أداته الأولى ووسيلته الوحيدة للتفاهم والتواصل، وهي أداته لاكتساب المعرفة، فإذا حاولنا أن نتصور مجتمعاً بلا لغة، علينا أن نفهم أننا نتحدث عن مجتمع لا وجود له.

إن أي فكرة لا يمكن صياغتها ونقلها للأخرين بدون اللغة ، لأن الفكرة لا تحصل على شرعيتها إلا عبر اللغة المنطوقة أو المكتوبة ، وعليه فاللغة طريقتنا للتواصل والتفكير وهي هويتنا وهوية المجتمع والهوية التي يعرفنا بها العالم . لكن ذلك لا يمنع أبدا من أن يتعلم الإنسان ويتحدث لغة أخرى يكتسبها بالتعلم والمران ، إلا أنها ستحمل دوما صفة اللغة الثانية وليست اللغة الأم .

هذا الحديث عن اللغة ودورها المفصلي اجتماعياً وثقافياً ووجودياً يبدو وكأنه كلام تكرر أكثر مما يجب، وقيل حتى فاض عن حاجة الإنسان العاقل للمعرفة، ومع ذلك فإصرار البعض منا على نكرانه والضرب بحقيقته عرض الحائط يعتبر مستفزاً ولا مبرر منطقياً له سوى تلك النزعة للتظاهر والتفاخر بالانتماء للغة أخرى يظنها لغة المكانة والتقدم والتحضر فيصر على الرطن بها بمناسبة وبغير مناسبة، حتى تختلط الأمور في ذهنه ويقع فيما يعرف بأزمة الهوية!

فإذا كنت مسؤولاً أو صاحب مركز، أو كنت إعلامياً تتحدث عبر منصة إعلامية لجمهور عربي أو عبر وسيلة إعلامية عربية، فإن عليك أن تنتبه إلى تلك الرسالة المضمرة عبر اللغة التي تستخدمها مع الجمهور، فلا يجوز أن تخاطبه بغير لغته لأنك بذلك تستهين به أولاً وتضرب كبرياءه القومي ثانياً، وتقضي على رسالتك التي قد لا تصل جيداً لذلك الجمهور ولا لأي جمهور آخر، حين تخلط اللغات فتتحدث بطريقة الفرانكو آراب أي الكلام المختلط من عدة لغات، تلك اللغة المثيرة للسخرية ، وغير المقبولة أبداً، فلماذا تضع نفسك في مأزق كهذا؟ ببساطة.. تحدث بلغتك.

Email