مقهى ريش.. عين على مصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

مقهى ريش... هو آخر ما أصدرته الشاعرة والروائية الأستاذة ميسون القاسمي، وهو كتاب يشبه صاحبته، فكما أن ميسون القاسمي لا يمكن تأطيرها بإطار محدد.. فهي ليست شاعرة فقط، ولا فنانة تشكيلية فقط، ولا روائية ولا باحثة.. ولكنها المثقفة والمبدعة المتعددة الانشغالات والاهتمامات.

لقد تجاوزت ميسون مربع التأطير، فتجاوزت بمنجزها الإبداعي الذي قدمته متنقلة بين الشعر والفن التشكيلي والسينما والرواية خلال تجربة امتدت لعقود، كان مسرحها مكانياً أم الدنيا «مصر»، وصداها يتردد في كل مكان..

تتجلى ميسون في الكتاب رسامة تشكيلية، وشاعرة ذات لغة خاصة، وإنسانة لها علاقة خاصة جداً بالقاهرة كفضاء عام تربت فيها وتحدثت، بل وكتبت بلهجة أهلها ديواناً شعرياً كاملاً، إنها أكثر من باحثة أو أنثروبولوجية، فخلال ما يقارب العشر سنوات عكفت ميسون على النظر في مجموعة ضخمة من الوثائق والصور والكتابات التي أتيحت لها من قبل مالك المقهى وأحفاده.

لقد امتلك المقهى اهتمام ميسون الكبير ورغبتها في تثبيت صورته على جدار منطقة وسط البلد، وسط القاهرة الممتد والمتداخل والمتشعب عمرانياً وزمنياً وتاريخياً وسياسياً، كأثر وصورة وأسطورة، لقد رغبت وبشدة في أن تثبت لحظة المقهى بجمالها لفترة أطول ما يمكن لها، وتحكيها بوصفها كما لو كانت أساطير، تأخذ حقيقتها من أوراقها، وتأخذ أسطوريتها من تعدد طرق سردها الذي يتوالى، وهنا برزت ميسون الفنانة التي أعادت تركيب تاريخ ريش من كل الخامات التي أتيحت لها: الصور، الوثائق، المكتوب والمحكي شفهياً ليخرج هذا الكتاب.

مقهى ريش كتبته ميسون بلغتها وعاطفتها والوثائق التي نقبت فيها، يشبه عين الباب السحرية، والسرية والحقيقية، والتي أطلت منها الكاتبة وأخذتنا من أيدينا وقلوبنا مفسحة لنا المجال لنقف معها ونطل على القاهرة من خلالها، غاصت خلالها في التاريخ والوثائق، وتفاصيل وأحداث القاهرة الثقافية والاجتماعية والسياسية منذ ثورة 1919 وحتى ثورة 30 يونيو.

Email