حظك؟ أم قدرك؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

انشغل الناس كثيراً ولا يزالون بمسائل تبدو فلسفية ومجردة في ظاهرها، خاصة حين يخوض الناس فيها على شكل تساؤلات وفرضيات، كتلك المفاهيم الكلية مثل: القدر، الحظ، الصدفة، الموت، الحب… وفي أقدم العصور أدار البشر الحوارات والنقاشات نفسها، وحين عجزوا عن تفسير ما يتلاعب بحياتهم أرجعوا كل شيء للقوى الخارقة وللنجوم والكواكب، وبدأت مع هذه التفاسير مرحلة من عمر الإنسانية تحكم فيها المنجمون وقرّاء الطالع، بعد أن آمن بهم كبار القوم من الأباطرة والملوك!

لكنه الإنسان، كان ولا يزال شغوفاً بمعرفة المجهول، ومتطلعاً لسبر أغواره، حتى إذا عجز عن إزاحة اللثام عنه، شعر بالخوف منه وأحياناً بالعداء نحوه، لذلك يقولون إن (الإنسان عدو لما يجهل)، ومن هنا ازدهرت سلوكيات معينة في ثقافات الشعوب كلها لفك طلاسم المجهول: كقراءة الفنجان والكف وورق اللعب وقراءة الأبراج... إلخ.

إننا كبشر محكومون بأقدار راسخة، هكذا يؤمن غالبيتنا، في الموت كما في المرض والنجاح والحب والفراق و…، سواء جاءت أقدارنا كما نتمنى أو بما تشتهيه سفن الحياة، ولقد ورد في مسرحية «يوليوس قيصر» لوليم شكسبير، قول النبيل كاسيوس، مخاطباً بروتوس: «الخطأ، يا عزيزي بروتوس، ليس في نجومنا (أقدارنا)، بل في أنفسنا، لأننا أشخاص ضئيلو الشأن»!

الذي استدعى هذه الفكرة إلى خاطري تلك القصة المؤثرة جداً، وتلك العبارات النافذة المعنى، العميقة الدلالة، التي تضمنها فيلم (ما تخبئه لنا النجوم) المقتبس من رواية بالعنوان نفسه، والذي يروي حكاية الإنسان في مواجهة قدر الموت وهو على أعتاب العمر الأجمل والحب الذي باتساع الحياة.

فحين قالت الصبية لصديقها: (من يحبنا ونحن في أسوأ حالاتنا، هو من يستحق أن يبقى في قلبنا إلى الأبد) فأجابها الفتى أغسطس وهو يعلم مدى خطورة وضعه الصحي بعد انتشار السرطان في جسده: (يبدو أن الحياة ليست مصنعاً لتحقيق الأمنيات يا حبيبتي)!

Email