حين سألت القاهرة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

«لن تكون حياتنا بعد كورونا كما كانت قبلها» لطالما ترددت هذه العبارة في كل مكان فترة اشتداد الجائحة، قرأناها في الصحف كما سمعناها في كل مكان! والحقيقة أنهم قد أحسنوا إذ لم يقولوا لنا كيف ستتغير، فربما جنح بنا الخيال بعيداً إلى تصور ديستوبي مخيف في تلك الأيام الصعبة التي كنا نسمع فيها تلك العبارة!

أتذكر هذه العبارة اليوم، وأنا أعود لموضوع الجائحة مجدداً بعد مضي أشهر كثيرة على آخر مرة كتبت فيها حول كورونا، أكتب اليوم وأنا أتصفح موقع «البيان» الإلكتروني، كعادتي اليومية لأستطلع آخر أخبار كورونا، ومعدل الإصابات اليومية في الإمارات، لقد بلغنا (94 حالة)، ما يعني أننا تجاوزنا حاجز الخطر بكثير، لقد تقلصت الحالات بينما بلغت نسبة الحاصلين على اللقاحات 95% تقريباً، إننا نتغير فعلاً، ونعبر ممر العزلة والمخاوف والكوابيس بفضل جهود حكومية وطبية محمودة!

هل تغيرت الحياة فعلاً بسبب أو بعد الوباء؟ ما من شك في ذلك، فقد ازداد الإنفاق على الأبحاث الطبية وتطوير العلاجات وأقرت قوانين جديدة للسفر، كما تغير مفهوم الأمن القومي للدول، ووحده إحصاء العدد النهائي للضحايا من سيحدد حجم التغيير الذي طال حيوات أسر بلا عدد حول العالم، ممن خسروا أهاليهم وأحبتهم، هؤلاء تحديداً لن تعود حياتهم كما كانت، يضاف إليهم كل الذين فقدوا وظائفهم، ومنازلهم وأعمالهم الخاصة.

ومحاولة مني لسبر معنى وعمق التغيير في حياتنا، والذي لطالما أخافني، حملت حقائبي إلى القاهرة، وضعت ساقاً على ساق، في مطعم فسيح تفوح في جنباته رائحة الخبز البلدي الطازج ويطل على النيل، احتسيت القهوة فيه كما احتسيتها في مقهى يقع في فضاء شارع متواضع، جبت أرصفة شوارع وسط البلد، وقفزت السلالم إلى الأزبكية والعتبة، تأملت القاهرة مجدداً وطويلاً وسألتها: هل تغيرت حياتنا بعد الجائحة فعلاً؟

 

Email