انحياز نوبل للآداب!

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تمنح جائزة نوبل للآداب لأي روائي أو شاعر لأنه ينتمي لدين أو ثقافة أو إثنية أو عرقية معينة، فقد حازها أوروبيون وروس وأفارقة وعرب وكنديون وأمريكيون.. وغيرهم، إنها لا تنحاز لجنس أو جنسية، كما قد يدعي البعض ممن يؤمن بنظرية المؤامرة، خاصة حين تعلن النتائج ولا تمنح الجائزة للمرشح الذي يراه أهلاً لها، أو أن اسمه هو الأعلى، ذلك أن الموازين التي يحتكم إليها حكام الجائزة تختلف عن أحكام القراء وتوجهات الحب والإعجاب، مثلما لا تتفق حسابات الحقل مع حسابات البيدر دائماً.

ولأننا في اليوم التالي لإعلان الفائز بجائزة نوبل للآداب، التي ذهبت في هذه الدورة للتنزاني عبدالرزاق جورناه، فإنه لا بد من تثمين كل فعل ونشاط إنساني يعلي شأن المعرفة والأدب والأدباء، من هنا أعتقد أن الجائزة لم تثبت موقفاً عنصرياً من أي نوع تجاه المرشحين لها سواء كان عرقياً أو جندرياً أو دينياً، لكنها رجحت كفة أدباء بسبب مواقفهم السياسية من الأنظمة الشمولية والعنصرية والديكتاتورية، وهو انحياز لا أظن القائمين على الجائزة ينكرونه أبداً.

غالباً، فإن الفائز التنزاني أسهم أدبياً وبشكل استحق معه الفوز بالجائزة عندما ولج عوالم لم يثرها أحد قبله بالعمق والحساسية التي كتب بها عن تحولات اللاجئين والمهاجرين وما يواجهونه في بلدان المنفى والمستعمرات، وإننا كقراء بحاجة ماسة لقراءة هذا الأدب المختلف عنا وعن عوالمنا، نحن دائماً بحاجة لأن نعرف ما نجهله ومن نجهله أكثر من حاجتنا لقراءة ما اعتدنا عليه.

في نقاشات نوبل يقال دائماً إن الفائز هو دائماً صاحب المشروع المتمدد في الفكر والزمن، والحقيقة أن الروسي بوريس باسترناك لم يكتب سوى رواية واحدة شهيرة هي «دكتور زيفاكو»، التي مثلها عمر الشريف للسينما العالمية، ومع ذلك منح جائزة نوبل عام 1958، لما تضمنته من موقف مضاد من النظام الشمولي في الاتحاد السوفييتي الذي ضغط على باسترناك ليرفض الجائزة، وهذا ما حدث بالفعل!

Email