ونحتاج ألا نخاف!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقول الفرنسي باسكال: «تعاسة الإنسان تكمن في عدم قدرته على السكون».

في الحياة اليوم، المكللة بالصخب والصراعات والمخاوف، يصبح من النادر أن يحظى الإنسان بالسكينة أو السكون الذي يحتاجه، حتى إن بات معتاداً على هذا الضجيج، بل وتقبّل فكرة أن الضوضاء هي الحياة والحيوية والنشاط، وأن السكون هو اللافعل والفراغ، وأحياناً الفشل والنهاية!

ولو أننا تنازلنا عن الشعور الفارغ بعظمتنا قليلاً لحركة الكون العظمى، سنجد أن أكثر الظواهر عظمة ومهابة، تحدث بسكون تام، وبلا أدنى صوت، فلا شروق الشمس ولا غروبها يحدثان بضجيج، ولا انسكاب الظلمة ولا انهمار الضوء فجراً، يعلنان عن نفسيهما بأدنى صوت، كل شيء يحدث بعبقرية السكون!

فلماذا يعتبر الإنسان تعيساً، ما لم يقدر على تحقيق شيء من السكون لنفسه، كما قال باسكال؟ لأنه يتعرض خلال يومه للكثير من الضجيج المدمر، ضجيج من كل لون، وبلا توقف، من خارجه، كما من الداخل، فحتى حين نتحدث إلى أنفسنا، كيف يكون حديثنا يا ترى؟ إنه حديث الخوف والشعور بالإثم وتأنيب الضمير والمحاسبة القاسية، إنها أحاديث قاهرة في معظمها، وبرغم أنها تدفعنا للتحدي، وتقوي آليات دفاعنا عن كينونتنا، إلا أنها تنهكنا في نهاية المطاف، فنحتاج للسكون أكثر!

في حياتنا مواقف حفرت فينا علامات أو خطوطاً عميقة، خلف هذه الخطوط تلوح هشاشة ملازمة، لا يمكننا تخطيها، تظل كمارد، وإن كان هشاً، إلا أنه يخيفنا، أو يدفعنا إلى دوائر متتالية من الخوف، فنصبح كطيور الحقول التي تفزعها تلك الخيالات أو الفزاعات المنصوبة بين المزروعات، علينا أن نحارب خوفنا، وبإصرار، وأن نكسب المعركة، وإلا سيظل الخوف يهزمنا ويكسرنا، في كل مرة نحاول أن ندخل أي حقل، أو تلوح لنا أي فزاعة!

إن الخوف سبب رئيس من أسباب الفوضى والضجيج في داخلنا، ولن نحظى بالسكون أو الأمان، ما لم نكسره في داخلنا!

 

Email