الحياة على حافة الخوف

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يزال الخوف أحد أكثر المشاعر شيوعاً بين الناس وسيطرة على حياتهم، حتى تعددت أشكاله وتحول في حالاته المتطرفة إلى مرض نفسي، يقتضي من صاحبه السعي لمعالجته وإلا تحولت حياته إلى بؤس، أو على الأقل فإنه قد يحرمه الخوف من التمتع بالحياة الطبيعية وملذاتها المباحة، كالخوف من السفر بالطائرة أو الخوف من الظلام أو من الأماكن الضيقة والمرتفعة أو من الحيوانات أو… إن الحياة في ظل الخوف جحيم متجسد!

ولقد تعمقت مخاوف البشرية في الفترة الأخيرة، عندما أضيف لمجموع المخاوف التي لا نهاية لها هذا الخوف المخيم على كوكب الأرض، منذ ما يقارب العام ونصف العام من جراء انتشار فيروس «كورونا» ومتحوراته الخبيثة، التي لا تكف عن الظهور.

لقد قلب هذا الخوف موازين الأرض ومناخها ووقع الحياة فيها: التجارة والعمل والمواصلات والعلاقات البشرية والسلوك الإنساني، وحتى شكل البشر قد تغير تماماً، وانظر إلى الجموع وهي تعبر شوارع العالم مكممين حذرين، تعرف إلى أي درجة فقدت البشرية أمنها وتلقائيتها حيال تعاطيها مع أبسط التفاصيل!

وعلى الرغم من اعتبار الخوف شعوراً مهماً وطبيعياً لحماية الإنسان (في الأحوال العادية) من أي خطر محتمل يهدد حياته، إلا أن ذلك لا يعني إطلاق العنان للخوف، وتحويله إلى وحش يغتال حياتنا بدل أن يحمينا، فنصير نتعامل مع كل أحد وكل شيء باعتباره خطراً محتملاً وموتاً أكيداً!

إن هذا التجاوز لمشاعر الخوف خشية من الموت لا يضمن الحياة، بل يجعلها صورة حلوة، لكنها بعيدة نخاف أن نلمسها، وعلى حد تعبير نجيب محفوظ فإن «الخوف لا يمنع من الموت لكنه يمنع من الحياة»!

أفكر في ثنائية الحياة والخوف والحذر، وأنا أتذكر كثيرين ممن أعرفهم يعتبرون مغادرة المنزل مخاطرة كبرى، بينما نصف العالم يتسكع في الخارج بقليل من الحذر، وكثير من الجسارة، التي تحتاجها الحياة غالباً.

Email