التحوّل على طريقة كافكا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تبدأ رواية فرانز كافكا «التحول»، بشكل صادم، يضعنا في قلب العقدة، وقد قيل إن الروائي المعروف غابرييل غارسيا ماركيز، حين قرأ السطر الأول في هذه الرواية، قال: «لقد سقطتُ من الفراش بعد قراءة السطر الأول، لقد كنت مدهوشاً، وعندما قرأت هذا السطر، قلت لنفسي بأني لا أعرف أي شخص باستطاعته كتابة أشياء كهذه».. لماذا؟ ما الاختلاف في أن يكتب روائي حكاية إنسان يتحول إلى حشرة أو حيوان؟ ألم نقرأ قصصاً كثيرة تزخر بثيمة التحول عبر السحر والأحلام، ربما في قصص الأطفال وعوالم ألف ليلة وليلة، وأساطير الحضارات القديمة؟ إذن، لماذا هزت هذه الافتتاحية المباشرة، ومن ثم الرواية ككل، كاتباً بحجم ماركيز؟

تقول افتتاحية الرواية: «عندما استيقظ غريغور سامسا من نومه ذات صباح، عقب أحلام مضطربة، وجد نفسه قد تحول في سريره إلى حشرة عملاقة». كم شخصاً في هذا العالم الذي نعيش فيه، يستيقظ كل يوم، ليجد نفسه عاجزاً، أو عاطلاً، أو معطوباً، أو غير صالح للتأقلم مع الناس، أو غير قادر على التواصل والعطاء، أو مريضاً أو خاسراً أو فاقداً للذاكرة، أو.. كم؟

لا ندري على وجه الدقة، لكنهم كثيرون جداً، وربما بالقرب منا واحد أو اثنان أو عشرة منهم، فكيف يتم التعامل مع حالتهم الجديدة؟ كيف يتم قبول عطبهم أو عجزهم أو خسارتهم أو مرضهم، أو.. يعاملون بالمجمل ككائنات فقدت علة وجودها، فقدت ضرورة استمرارها، أصبحت ثقلاً، عورة، أو شيئاً مثيراً للقرف والاشمئزاز والتبرّم، ولا بد من الخلاص منهم، هل يبدو ذلك غريباً؟ إذن، ماذا نسمّي التخلص من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والنفسية في الملاجئ والمصحات؟

Email