أفلام الطريق

ت + ت - الحجم الطبيعي

العلاقات العميقة والحقيقية القائمة على فضيلة الصدق والمكاشفة بين الآباء والأبناء داخل الأسرة، واحدة من الموضوعات التي شغفت بها السينما العالمية عبر ما عرف بأفلام الطريق، لم تنتبه السينما العربية لهذا النوع من الأفلام، بالرغم من أنه يمكن عن طريقة تقديم معالجات جادة وهامة للعلاقات المختلة بين أفراد الأسرة كما بين الأب وابنه أو البنت ووالدتها، أو حتى بين الأشخاص المختلفين فكرياً.

لا شك أنه يمكنكم تذكر أفلام عديدة تدور حول هذه الفكرة، يبدو مصطلح (أفلام الطريق) رومانسياً بعض الشيء، وغامضاً، ويضمر في داخله معنى إنسانياً عميقاً للرحلة بمعناها الواسع والكلي، الذي يراوح بين الرحلة عبر الجغرافيا أو عبر الطريق، والرحلة عبر الذات والماضي أو ما يمكن اختصاره برحلة اكتشاف الذات ومراجعة القناعات!

أفلام الطريق بحسب المعجم تشير لتلك الأفلام التي تغادر فيها الشخصيات الرئيسية المنزل في رحلة على الطريق، وعادةً ما تمر هذه الشخصيات بمواقف وتلتقي بشخصيات، كما تكشف عن دواخلها وهواجسها ومكنوناتها الداخلية عبر حوارات ممتدة وطويلة ومتوترة أحياناً يتيحها طول الطريق وانعدام عوامل التشويش والإزعاج وكل ما يمكن أن يقطع تسلسل الحوار بين الشخصيات.

رحلة الطريق هذه غالباً ما تقود لسبر أغوار الشخصيات وبشكل مكشوف ما يقربهم لبعضهم وما يغير منظورهم لحياتهم اليومية وللآخر، ولعل أشهر أفلام الطريق التي عرضت في السنوات الماضية كان فيلم (green book) أو الكتاب الأخضر.

يعالج الفيلم حكاية الدكتور دون شيرلي عازف البيانو الشهير من أصل إفريقي والذي ينطلق في رحلة عبر الجنوب الأمريكي بصحبة سائق من أصل إيطالي عام 1962، وبرغم الاختلافات بينهما، فإنهما سرعان ما تنجح الرحلة بكل ما قدمته من فرص للحوار والاقتراب والكشف عن مكنونات وحقائق الرجلين في أن تجعلهما يطوران علاقة صداقة قوية وغير متوقعة بين شخصين كانت تحكمها أفكار العنصرية والنظرة الفوقية للآخر المختلف، في فترة الستينيات المحتشدة بالأفكار وبالعنصرية وتوجهات المجتمع المؤيدة لها.

Email