الكتابة والأدب

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك عالمان في الثقافة والأدب عبر التاريخ: عالم الكتابة والكتاب الذي يختلط فيه المحترف والمجيد والموهوب البارز، والمتطفل على الصنعة، والأدعياء وأنصاف الموهوبين وحتى عديمي المواهب، وهو متعدد الأشكال والمستويات: فهناك من يكتب في الصحافة والأدب والفن والطب والعلم والطهي وغير ذلك، أما العالم الآخر فهو عالم الأدب والأدباء، والأدب معنى واسع ونبيل وقد قيد بأنه ملتبس وغير محدد.

الأدب يرمي إلى التأثير في الناس، وهو طريق يسلكه من ملك موهبة الكلام واللغة وتزود من المعارف والعلوم ما يجعل لكل ما ينتجه من شعر أو نثر أو قصة أو رواية أثراً بيناً وبليغاً على المتلقين من القراء والمستمعين، بحيث يصعب تلافيه أو نسيانه.

وقديماً كان الأدب يدل على التأدب بمكارم الأخلاق، وفيما مضى أيضاً يعتبر المشتغل بالأدب شخصاً متفانياً في مجاله، منكباً على كتبه طوال الوقت، ومع ذلك فلا ينال من الشهرة والمجد والمال ما يناله سواه ممن يبذل نصف جهده في وظائف واهتمامات أخرى (والحق أن الأمر بقي في عالمنا على حاله لم يتغير رغم مضي الوقت) لذاك كان الناس إذا وجدوا أديباً أو عالماً ينهمك على أدبه وقد ظهر عليه بؤس الحال قالوا لقد أصابته حرفة الأدب، فمن تصبه حرفة الأدب يكن حظه من الدنيا وبهرجها قليلاً عادة!

اليوم تجدهم كثيرين يظهرون في كل مكان (لقد يسرت ثورة التكنولوجيا هذا التدفق المخيف والمربك) فيقدمون أنفسهم على أنهم أدباء، وهم لم يتجاوزوا سن المراهقة، ولا يجيدون من اللغة أبسط قواعدها وأصولها، يكتبون للشهرة لا أكثر، بعيدون عن هموم بلدهم وهوية مجتمعهم، مغربون ومغتربون ومفتونون بثقافات كل الأمم إلا أمتهم العربية وثقافتها وإرثها وتراثها..

Email