تجربة السفر!

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت عبارة «نحن نجعل تجربة سفرك أكثر متعة»، واحدة من أكثر الشعارات التي ترفعها شركات الطيران، التي تعي ما تشكله تجربة السفر للإنسان بشكل عام، فلم يكن السفر يوماً محصوراً في شكله البسيط المعروف: انتقال عبر الجغرافيا، وتحليق تحت سماوات متعددة، بقدر ما كان، وسيظل، التجربة الأكثر إثارة وثراءً في حياتنا، ولمن لا يعاني من الخوف من الطيران، فإن السفر واحد من علامات الانعتاق الفردي من كافة القيود والمخاوف!

حين يسافر الواحد منا عبر الطائرة أو الباخرة، فهو يعلم على وجه الدقة، أنه يعلّق مصيره وحياته في صندوق، يتأرجح بين السماء والأرض، تهدر محركات ضخمة في أحشائه لساعات وساعات، ويعلم كذلك أن هذا الصندوق، عرضة لحوادث جمة، كما الباخرة، وكما السيارة، وهو قد سمع الكثير منها، مع ذلك، فإنه يحزم أمتعته سعيداً، ويتجه إلى المطار، حيث يسير جذلاً بين ممرات وطرقات المطار، شاعراً بمتعة مختلفة لكوب القهوة في مقاهي المطارات، ولتلك الوجبة المثلجة التي ستوضع أمامه في الطائرة!

هناك خوف مرضي من السفر بالطائرة، وأعرف كثيرين لم يعرفوا تجربة السفر بالطائرة أبداً، ولن يعرفوها، حسب ظني، وهو خوف تعرفه شركات الطيران، وتستوعبه جيداً، وتجري الكثير من الدراسات النفسية، لمعرفة الطرق التي يمكنها أن تصرف أذهان المسافرين عن التفكير فيه.

إن انهماك المضيفات طوال وقت الرحلة في تقديم الطعام والشراب، والوجبات الخفيفة، لا يدخل في باب كرم الضيافة، ولكنه من قبيل تشتيت أذهان المسافرين، وإبعاد شبح الخوف، كذلك توفير قوائم بلا حصر من الألعاب، وبرامج الموسيقى والأفلام، بكل اللغات، والمجلات، والتسوق على متن الرحلة و.. كل ذلك يدخل في إطار إشعار المسافر بالاسترخاء، وإيصال رسالة مفادها أن تجربة السفر ممتعة، وليس فيها ما يدعو للتوتر.

في الحقيقة، لقد أفسدت جائحة «كورونا» الكثير من متعة السفر اليوم، وهو أمر يلاحظه كل من يسافر في هذه الأيام.

 

Email