تكتّلات النقاد في الإعلام الجديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعجبني حالة الانتفاضة، التي تشهدها صفحات كثيرة جداً لحسابات شخصيات متفاوتة ثقافياً ومعرفياً، والانتفاضة هنا تعني الاهتمام المتصاعد باتجاه النقد، وإبداء الرأي في حالات وظواهر الحياة، التي يعيشها المواطن العربي في كل مكان، فما عاد نشطاء «فيسبوك»- مثلاً- يكتفون بتبادل الأحاديث والتعليقات الساخرة مع أصدقائهم أو بالتدوينات الاجتماعية، التي تشكل خلاصات يومية حياتية لما يمرون به، لقد تطور محتوى كثير من الصفحات، لممارسة نقد اجتماعي لاذع وقوي جداً ضد الكثير من الظواهر!

ربما لأن جيلاً جديداً من النقاد، وأصحاب الرأي، والكتاب، أصبحوا أكثر إيماناً بفاعلية وتأثير مواقع التواصل عن السابق، وربما لأن هؤلاء النقاد أصبحوا أكثر جرأة، بسبب الحرية المتاحة لهم على هذه المواقع، وقد يكون السبب لكونهم أصبحوا يشكلون تكتلاً واضحاً في الفضاء الافتراضي، خصوصاً مع تنامي العزلة، التي فرضها وباء «كورونا»، وعليه فإن هؤلاء بأتباعهم ومعجبيهم وآرائهم بدأوا يستقطبون كثيراً من الشباب الباحث عن فكر مختلف، وطروحات أكثر جدية!

لقد تجاوز الناس مرحلة نظام التفاهة، الذي أريد له أن يعم ويتمدد في ثقوب الواقع، فيشغل الشباب، ويقنعهم بالتفاهة والرداءة في كل شيء، وهو النظام نفسه، الذي أفرز وكرّس لسنوات عدة ظاهرة «الفاشينيستات» بكل رداءتها، وفراغ محتوى ما تقدمه، إلا أن الرداءة وإن تمددت وطغت، لا تمتلك جذوراً قوية، تمكنها من البقاء طويلاً في تربة تعج بالالتباسات والتحديات والصراعات، ولديها من القضايا الوجودية ما يجعل بقاء التفاهة والتغييب طويلاً أمراً غير منطقي!

لقد أصبح هؤلاء النقاد شرسين جداً في مقاومة الرداءة الفنية والاجتماعية، وصولاً للتعليم والسياسة والاقتصاد.. مؤخراً، تسبب نقدهم في إيقاف عمل درامي ضخم، وإلغاء التعامل بين شركة إنتاج ومخرج لامع، بسبب فشل ما قدمه في رمضان، ما يعني أن تمرير الأعمال الرديئة والفنانين الفاشلين لن يكون سهلاً كما السابق، وستنمو الظاهرة لتطال تابوهات أكبر من ذلك.

 

Email