العظمة في رواية واحدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما يتحدثون عن الكاتب السعودي أحمد أبو دهمان، صاحب رواية «الحزام» فإن النقاد يصفون روايته تلك بـ«بيضة الديك»، وهو تعبير مركب من أمرين من المستحيل أو النادر اجتماعهما أو حدوثهما معاً، فالديك من المستحيل أن يبيض، وإذن فالقصد هنا أنها رواية وحيدة رغم ما امتازت به من قوة وشفافية، إلا أن أبو دهمان لم يكتب سواها.

وهو ليس الوحيد في هذا بطبيعة الحال، فعالم الأدباء والروائيين حافل بظواهر وأسرار لم تكشف بعد أو لم يكشف الغطاء عن أسبابها، فخلف كل رواية وحيدة طارت شهرتها في أرجاء العالم وبيع منها ملايين النسخ وظلت تطبع وتباع عبر عشرات السنين تختبئ حكاية ما، تخص الكاتب الذي كتبها أو الروائية التي أبدعتها.

فرواية «ذهب مع الريح» للكاتبة الأمريكية مارجريت ميتشيل، التي طبقت شهرتها الآفاق وتحولت لفيلم سينمائي شهير، واحدة من هذه الروايات التي لم تكتب صاحبتها سواها في كل حياتها! أما البريطانية إيميلي برونتي صاحبة رواية «مرتفعات ويذرنغ» فلم تضف لروايتها واحدة أخرى، وقد توفيت في ريعان شبابها بسبب مرض السل.

أما بوريس باسترناك الشاعر والمترجم الروسي الذي أنقذته ترجماته لمسرحيات شكسبير من حكم الإعدام، فهذا الأديب كتب في حياته رواية واحدة فقط لا تزال تترجم وتطبع وتباع حتى اليوم هي «دكتور زيڤاجو» التي نشرت عام 1957 بعد تهريبها إلى إيطاليا، الغريب أن باسترناك هو الوحيد الذي نال جائزة نوبل وفي تاريخه رواية واحدة فقط!

لقد تعددت الأسباب التي أنتجت روايات وحيدة لكتابها كالموت المبكر، والمواقف السياسية المعارضة لنظام الحكم، وعزلة بعضهم وتجنبهم مظاهر الاختلاط والشهرة وخوف الناشرين، إلا أن أغلب هذه الروايات امتازت بدرجة عالية من الإبداع والقوة والانتشار الجماهيري وحصدت جوائز كبرى كجائزة نوبل ولا تزال تطبع وتباع إلى اليوم، ولو أن هؤلاء الكُتاب جربوا حظوظهم في عالم السرد أكثر من ذلك لتركوا ثروات لا نتصور مدى عظمتها!

 

Email