العدد صفر!

ت + ت - الحجم الطبيعي

(العدد صفر)، حكاية جريدة لم ترَ النور أبداً، تأسس لها مجلس تحرير مكوّن من ستة أشخاص، بينهم امرأة في الثلاثين، تحاول أن تقدم أفكاراً لتحقيقات صحافية في غاية الذكاء، لكن رئيس التحرير غالباً ما يعترض على أفكارها، وينهي رأيه فيها بقوله (إلى سلة المهملات، لا نريد أن تنتهي الجريدة بزرع قنبلة من قبل زعماء المافيا!)، وقبل أن ينهي الموضوع، لا ينسى أن يذكرها بضرورة الاهتمام بصفحة الأبراج التي كلفها بها!

الجريدة لم ينشر منها أي عدد من تلك الأعداد التي تم النقاش حول موضوعاتها المهمة، لقد كانت مجرد فكرة أقرب للمتاهة، على عادة ايكو، الذي يجيد تماماً نصب الفخاخ، ورسم المتاهات في رواياته، ولا أدل على ذلك من روايته الذائعة الصيت (اسم الوردة)، وهنا، في العدد صفر، يجعل ستة أشخاص يجتمعون ويناورون ويلفون حول أخبار وحوادث حصلت في زمن مضى، لكي يحولوها إلى تحقيقات ومقالات، تتفجر جرأة واقتحاماً، رغبة في إقناع البعض بأنها جريدة البحث عن الحقيقة.

حقيقة الأمر، أن صاحب (العدد صفر)، كان يريد أن يجعل من الحقيقة مجرد أداة ابتزاز لا أكثر، كان يريد أن يقول لأطراف متنفذة في ميلانو، وشخصيات سياسية وقضاة، وغيرهم، إن الجريدة قادرة على فضح ممارساتهم، وإن لديها مصادرها الخاصة في كل مكان، ولذلك، فقد درّب طاقم التحرير لديه على كيفية تفنيد خطابات التكذيب التي قد يرسلها البعض، ليكذبوا أخبار الجريدة!

من العبارات التي تستوقف القارئ (إذا كنت تريد أن تتفوق، فعليك أن تعرف شيئاً بعينه، دون إضاعة الوقت في معرفة كل شيء)، أي عليك ألا تتعب نفسك في ملاحقة كل الأشياء، لأنك لن تتقن كل شيء كما ينبغي! فكلما أكثرت من معرفة الأشياء، سارت الأشياء في غير طريقها!

العدد صفر!

Email