لا صوت مزعج للصور!

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعرفون الصدمة التي تصيب البعض حين يكتشفون سيئات وحماقات وخطايا من يحبونهم: أزواجهم، أبناؤهم، أصدقاؤهم؟ تلك الصدمة تبدو لي غير منطقية أبداً، تبدو نتيجة تخيّل ساذج للإنسان الذي نتعامل معه باعتباره مزيجاً من فضائل بحتة، أو أنه مخلوق استُلّ في غفلة من نظريات المثل والاستقامة، بينما لا وجود لهذا الكائن منذ أزمنة سحيقة!

تكمن المشكلة الأساسية في التصورات والأفكار المثالية عن الأشخاص الذين يشكّلون مركز الدائرة في حياتنا، ولنعترف بأن هذه هي المشكلة، حين نجعل شخصاً ما مركزاً أو محوراً لحياتنا وسبباً لسعادتنا، بدل أن نكون نحن مركز حياتنا ومحورها، والجميع ليسوا سوى أشخاص، لا بأس أن يكونوا عابرين بأهمية ومحبة واهتمام، لكنهم عابرون بعيداً عن المثالية المبالغة!

حين يعرف البعض أن من يحبونه ليس ذلك الشخص المثالي، المبرّأ من الضعف، وأنه يمكن أن يخطئ ويكذب ويخون ويستغل ويضعف ويسقط... إلخ، فإنهم قد يُصدمون، أو يصرخون، يبكون ويشتمون، كل ذلك مفهوم، وهو مما يسمى بـ«رثاء الذات»، فالنفس مجروحة وتحتاج إلى من يربت عليها ويواسيها! ثم ماذا؟ ننسى ونسامح؟ أم نغلق القوس، ونبدأ جملة حياة جديدة؟

لماذا تحدث هذه الصدمة عادة؟ في الأغلب فإن الصدمة تحدث حين تخرج الفكرة من إطار الصورة المرسومة، وتصير حقيقة ملموسة، نحن غالباً ما نضع الذين نحبهم في إطارات جميلة جداً تحبس الحقيقة خلف الزجاج، وحين يقع الخطأ أمامنا، ساعتها فقط يتحرر أولئك المقيدون في الإطارات من الفكرة المثالية التي حبسناهم فيها، ويصيرون أشخاصاً حقيقيين لهم نزوات ورغبات وروائح حادة وأصوات مزعجة ربما، وحماقات غير متوقعة.

الصدمة سببها أننا كنا نتعامل مع صور، وللصور اعتبارات خادعة وغير متوقعة، أولها أنها بلا صوت مزعج، ولا رائحة حادة لها، وأنها جاذبة ولامعة على الدوام، ولا تشيخ أبداً!

Email