الحياة.. القرار!

ت + ت - الحجم الطبيعي

إنك لن تنجح ولن تصنع بريقك الخاص وتلك الهالة التي تتحرك معك أينما ذهبت ما لم تصهرك الحياة وتوجه إليك الكثير من الضربات، وما لم تشهق من شدة الإنهاك والصدمات، ما لم تبكِ وتتوجع ويؤلمك قلبك وتنظر إلى روحك تئنّ أمامك، وما لم تفكر عشرات المرات في الهروب والاختفاء والاختباء من ذلك المكان الذي تتعرض فيه للكثير من الضغوط والجروح القاسية، والضربات التي تنظر إليها على أنها من دون سبب ظاهر أو منطقي، لكن لن يطول بك التساؤل، فالحياة تبدو منصفة أحياناً حين تقدّم لك الإجابات المؤرّقة بطريق المصادفة ودون تخطيط!


وسواء عرفت الإجابة أو بقيت في فم الحياة المغلق، لا بد أن تؤول مسارات الحياة كلها، بحسب قراراتك حين وقفت ذات يوم منذ سنوات بعيدة على مفترق طريق صعب، وقررت أن تختار ذلك الطريق دون غيره!
الحياة برمّتها متعلقة بالقرارات، هذا ما يؤمن به جيداً أولئك الذين يعرفون خطورة أن تتخذ أي قرار في حياتك، وسواء ظهرت لك تلك القرارات صغيرة أو بدت لغيرك تافهة، فإنها دون أن تشعر تمهّد الطريق لقرارات ضخمة ستغيّر حياتك، أو قد تعيد تشكيلها تماماً!


كل مسار تختارونه يقودكم إلى اختيار آخر، هكذا يقول كاتب «الاختيار»، الفيلم الذي يحكي قصة الشاب الذي ظل وفياً لوحدته وحريته، ولم يسمح لأي أحد أن يقتحم سياج حياته الخاصة، إلى أن قرر أن يحب جارته ويرتبط بها، ثم حين قرر أن ينقذ حياة حيوان جريح ويتركها تناظره في مطعم، دعاها فيه للعشاء، لتعود وحيدة وحزينة، وتتعرض لحادث يُدخلها في غيبوبة طويلة، ثم حين قرر أن لا يرفع عنها أنابيب التنفس..
بعض الاختبارات يمكنها تغيير كل شيء، لقد غيّر قراره الأخير كل لحظة تبقت له في حياته، حين صحا المستشفى ذات صباح على المرأة الشابة وقد صحت من غيبوبتها!


أمام محكّات الحياة الصعبة، أنت في ورطة دائماً، وما عليك سوى أن تبحث عن مخرج لا هروب، أو تستمر وتدفع ثمن اختيارك، هذا الثمن هو ما سيشكّلك ويصنع صلابتك وبريقك الآتي! وهو ما ستتعلق به حياتك الآتية كلها.


كلنا نعرف ونردد: «ما أجمل الحياة وما أصعبها في آن معاً!»، لكن هل جرّبنا جميعاً تلك الصعوبة القاسية التي تلد ذلك الجمال الذي لا يُحتمل؟
 

Email