تعويذة أمنيات لعام جديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

ونحن نبدأ اليوم سنة جديدة، ونحن نفتح عيوننا ونضع أقدامنا في نهر العام الجديد 2019، الذي سيضاف إلى أعوامنا التي مضت والتي ستأتي، هنالك بعض من الوقت نمضيه مع أنفسنا، نتمتم بأمنياتنا الجديدة، نلفّها كتعويذة ونضعها تحت مخدة العام الجديد، نتمنى فيها أن تكون السنة الآتية أجمل وأكثر امتلاءً وسلاماً وأماناً لنا وللجميع، فقد تعبت البشرية من الحروب ومن الموت اليومي وأخبار الكراهية، تعبنا من العنف ومن جنون السياسة، ونحتاج، وتحتاج البشرية كلها لهدنة، لبعض استراحة، لأيام خالية بيضاء، للالتفات للإنسان، لحياته وخيره ومستقبله وأطفاله.

صحيح أننا مصنوعون من أولئك الأشخاص الذين نحبهم، كما يقول الروائي الفرنسي، غيوم ميسو، لكننا أيضاً مصنوعون من كل اللحظات والتفاصيل والروائح والملمات والذكريات والتذكارات التي عبرت حياتنا، وعبرناها خلال كل السنوات التي مررنا بها، نحن في نهاية المطاف لسنا سوى كتلة ضخمة من كل شيء، وتحديداً من هؤلاء الذين أحببناهم ولا زالوا بيننا، أو الذين أحببناهم ورحلوا، أو الذين نحبهم وهم أحلى ما حدث لنا في عمرنا، هؤلاء الأشخاص الذين أعادوا تشكيل أوقاتنا، وأثْرَوْا حياتنا وأناروها.

هل جردتم حسابات العام المنصرم ليلة الأمس وأنتم تجلسون حول موائد الطعام في المنازل أو المطاعم؟، هل تذكرتم تفاصيل ما مرّ بكم وما تحقق وما لم يتحقق من أهدافكم وأنتم تتحلقون كأصدقاء حول طاولات الشاي والقهوة في المقاهي الصغيرة والبسيطة والفاخرة أيضاً؟. إذا فعلتم، وإذا لم تفعلوا، فيكفيكم مما كسبتم هذه المحبة التي تجمعكم وأنتم تثرثرون وتقصقصون أوراق الأيام وتنثرونها لتنتظروا الآتي بقلب شجاع لا يخشى الغد.

إذا لم يتحقق لي شيء من بين كل الأهداف التي وضعتها للعام الماضي، الذي حزم حقائبه ورحل ممتطياً قطار منتصف ليلة الأمس، سوى اكتساب صديق مُحب صدوق واحد، فإنه يكفيني؛ ذلك أن المحبة نماء، ونحن ننمو بمرور الأحباب لا بمرور السنوات، لذلك نقول لا شيء من أعمارنا يمضى مجاناً، أو بلا فائدة، وعلى ذلك نحن نتقبل كل أيامنا برضا دون أن نتمنى إسقاط يومٍ أو نسيان آخر، فحتى اليوم واللحظة والوقت الذي صدَمنا أو أحزننا أو لم يعجبنا ربما علّمنا ما لن ننساه أبداً.

لا تتمنوا إلغاء شيء من أيامكم، لأنكم تعبتم فيها، وبذلتم وسعيتم وأصابكم أرقُ الليالي وتعب النهارات، لأنكم فرحتم فيها وحزنتم وبكيتم وووو... إنها في نهاية المطاف قطعة منكم.

Email