نقص الفيتامين «د»، لماذا يجب أن تهتم؟

فيتامين «د» هو الاسم الشائع الذي يُطلق على مجموعة من المركبات الكيميائية التي تقي الأطفال من الكساح والبالغين من تلين العظام. ويُعدّ نقصه تحدياً خطيراً للصحة العامة. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني نحو مليار شخص حول العالم من نقص في هذا الفيتامين، كما أن واحداً من كل شخصين لديه مستويات غير كافية منه. ومن اللافت أن منطقة الشرق الأوسط، رغم وفرة أشعة الشمس فيها، تسجّل أعلى معدلات النقص، مع أنها من أغنى دول العالم من حيث عدد الأيام المشمسة.

يلعب فيتامين «د» دوراً محورياً في عدد من العمليات الحيوية، مثل انقسام الخلايا وتمايزها، وتنظيم الاستجابة المناعية، بالإضافة إلى تأثيره على مسارات الإشارات الخلوية، مثل مسار Wnt، الذي يُعد أساسياً في التطور الجنيني وظهور الأورام السرطانية. في شكله النشط، يمنع فيتامين «د» دخول بعض البروتينات الضارة «مثل بيتا-كاتينين وفوكس إم1» إلى نواة الخلية، ومن ثمّ تنشيط الجينات المرتبطة بتكاثر الخلايا غير الطبيعي، وبالتالي المساهمة في نشوء السرطان.

يُذكر أن الأخوين غارلند كانا من أوائل الباحثين الذين أشاروا في عام 1980 إلى العلاقة بين فيتامين «د» والوقاية من السرطان، لا سيما سرطان القولون. إذ أظهرت دراستهما أن الأشخاص الذين يتعرضون لأشعة الشمس بانتظام وبالتالي مستويات فيتامين «د» لديهم أعلى هم أقل عرضة للإصابة بسرطان القولون مقارنة بمن يتجنبون التعرض للشمس. ومنذ ذلك الحين، أكّدت العديد من الدراسات العلمية الدور الوقائي المهم لهذا الفيتامين ضد عدة أنواع من السرطان. وقد يثبت في المستقيل القريب دور فيتامين «د» في الوقاية من جميع أنواع السرطانات. لذلك فإن مراقبة مستوى فيتامين «د» في الجسم من الأهمية بمكان. الكثير من الذين يعانون من نقص فيتامين «د» ويتناولون أقراصاً مكلمة يواجهون تحدياً كبيراً في رفع تركيزه إلى المستوى الطبيعي لأنهم يتغافلون عن العوامل التالية المساعدة في استقلاب فيتامين «د».

• فيتامين «ج / سي»، حيث تبين أن فيتامين «ج» يساعد الجسم على استقلاب وامتصاص فيتامين «د»، كما أنه أساسي لصحة العظام، إلا أن تحديد الجرعة المناسبة من الفيتامين «ج» يقع على عاتق الطبيب المختص وليس المريض.

• الزنك، يُعتبر عاملاً مساعداً أساسياً لفيتامين «د» ليقوم بوظائفه الحيوية ويرفع مستوى فيتامين «د» في الجسم. كما أن سلامة هيكل مستقبلات فيتامين «د» تعتمد كلياً على الزنك، لذلك فإن أي نقص في الزنك يعني فشل فيتامين «د» في أداء وظائفه.

• تناول الدهون، فيتامين «د» يذوب في الدهون، لذلك فإنه من الأهمية بمكان أن يؤخذ بعد وجبة دسمة.

في المقابل هناك عوامل تمنع أو تقلل من امتصاص فيتامين «د»:

• الحياة النباتية، مقارنة بالآخرين، مستوى الزنك لدى النباتيين غالباً أقل وذلك لاحتواء النباتات على الحمض النباتي، الذي يثبط امتصاص فيتامين «د».

• تنافس الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون «أ، د، هـ، ك» فيما بينها، بما أن لها نفس المسار الاستقلابي، فإنها تتداخل وتتنافس، فقد اكتشف على سبيل المثال أن فيتامين «أ» يمنع امتصاص فيتامين «د» إلى حد كبير.

• من الأمور التي تحد من استقلاب وامتصاص فيتامين «د»، الاستعداد الوراثي، العمر، الصحة العامة للشخص.

في الختام، يلعب فيتامين «د» دوراً أساسياً في صحة الإنسان، ابتداء من صحة العظام، وتنظيم المناعة إلى الوقاية من أمراض عديدة كأنواع من السرطان. لذلك، فإن الحفاظ على المستوى الطبيعي لفيتامين «د» في الجسم، أمر في غاية الأهمية، ولا يحتمل التهاون بتاتاً. ويجب الانتباه إلى الطبيعة الكيميائية لفيتامين «د» وبالتالي الانتباه إلى ما يساعد الجسم على استقلابه وامتصاصه وتجنب ما يحول دون ذلك إذا كنا نعاني من نقص هذا الفيتامين ونتناول الأطعمة والأقراص المكملة له.