دكتوراه!

ت + ت - الحجم الطبيعي

سأقول أمراً أرجو أن لا يفهم بشكل خاطئ، والأمر يتعلق بنيل الشهادات العلمية العليا، وتحديداً شهادات الدكتوراه، ففي مجتمعاتنا العربية يفعل (البعض) أي شيء للحصول على الدكتوراه، لا لينضم إلى هيئات التدريس الأكاديمية في الجامعات العريقة، ولا ليصبح باحثاً مختصاً في مجاله في أحد معاهد ومراكز الأبحاث العلمية، ولا لينكبّ على البحث والدراسات، ولكن ليضع الدكتوراه في إطار ضخم يعلقه فوق رأسه في حجرة المكتب، ليراه الداخل والخارج فتتكرس مكانته كدكتور!

عرفت كثيرين من حملة الدكتوراه، ممن لا يعرف أحد الطريق الذي سلكوه لنيلها، وعرفت كثيرين لم يشهد لهم أحد بأنهم كانوا من أصحاب النهم العلمي يوماً، أو الاهتمام بالدراسة والبحث، لكن الأهم، هو أن أولئك (الدكاترة) وبالإجماع، لم يوظفوا تلك الشهادات بشكل يذكر أو يفيد، لم أسمع عن (فلان) أنه أنتج كتاباً بعد نيله الدكتوراه، أو قدم مناظرة فكرية أو محاضرة، أو تمت استضافته في برنامج أو مؤتمر علمي أو مناقشة قضية حيوية أو طارئة، إذن، لماذا كانت تلك الدكتوراه؟ ليقال إنه الدكتور الفلاني!.

عرفت كثيرين من هؤلاء كانوا قبل الحصول على شهادة الدكتوراه يدورون حول أنفسهم في حركة لا تهدأ بحثاً عن أسهل جامعة يمكنها منحهم ذلك الصك، والأسهل هنا تعني: التساهل في الشروط المفترضة من أجل القبول، وفي الإجراءات المتبعة للانخراط في الدراسة، وفي الحضور وفي إجراءات ومنهجية البحث والدراسة لإعداد الرسالة ومن ثم مواصفاتها العلمية وإجراءات مناقشتها... إلخ، هذا كله يحتاج إلى أقصى درجات الجدية والصرامة للحصول بعد سنوات من البحث والقراءة على هذه الدرجة، لكن ذلك لا يعني أن الجميع يفعل ذلك ليحصل على الدكتوراه!

النتيجة ستكون واضحة جداً عند الجلوس إلى أمثال هؤلاء والحديث معهم، فانعدام المنطق العلمي، وضحالة المعرفة الأصيلة، وعدم القدرة على التفكير المنهجي والربط بين المقدمات والنتائج وهم يتحدثون إليك، تجعلك تعرف الطرق الخلفية للحصول على الدكتوراه التي تمر عبر الجامعات الضعيفة: الهدايا والأموال والعلاقات.. لكن لماذا؟؟

Email