ضحاياها كثيرون رغم انخفاض عددهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

من المؤكد أن الحوادث المرورية تشكل السبب الرئيسي لواحد من أكثر أنواع النزيف خطورة، بالنسبة للمجتمع، لأن هذا النزيف لا يتوقف عند الخسائر العالية والمستمرة في أرواح مستخدمي الطريق، وهم بالمئات، ولا يتوقف عند الأرقام العالية للمصابين، وهم بالآلاف، وعدد غير قليل منهم يصاب بإصابات بالغة تؤدي إلى استمرار الإعاقة لسنوات طويلة، وربما طيلة حياتهم. ولكن النزيف يمتد إلى خسائر أخرى مؤثرة، على الصعيد الاجتماعي، بالنسبة للأسر التي تفقد عائلها أو أحد أعمدتها، بكل ما يترتب على ذلك من نتائج على حياة أبنائها، وعلى الصعيد المادي المتمثل في الخسائر المترتبة على الحوادث، والتي تتحملها الدولة أيضا لتوفير العلاج والرعاية الصحية للمصابين، أيا كانت فترات العلاج والرعاية حتى شفائهم.

 ومع الوضع في الاعتبار أن الحوادث على أنواعها موجودة في كل الدول والمجتمعات، بحكم النشاط الإنساني، إلا أن ارتفاعها الشديد في السلطنة، والتهامها سنويا لأعداد متزايدة من الشباب ومستخدمي الطريق بوجه عام، هو ما دفع بشرطة عمان السلطانية إلى العمل بمختلف السبل الممكنة من أجل الحد من حوادث السير، ومن أجل توفير كل الوسائل التي قد تسهم في الحد من وقوع الحوادث، وسرعة الإنقاذ في حالة وقوعها، خاصة على محاور الطرق الرئيسية في مختلف محافظات السلطنة. يضاف إلى ذلك أن الاهتمام بسلامة المواطن العماني والحد من حوادث السير جعل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـــ حفظه الله ورعاه ـــ يتطرق إلى هذا الموضوع الحيوي في حديثه مع المواطنين خلال جولة جلالته السنوية، حيث حث جلالته على ضرورة التعاون والتكاتف بين أبناء المجتمع والمؤسسات المختلفة من اجل توعية الأبناء بأهمية الاستخدام الآمن للطريق، والالتزام بقواعد المرور، ووضع الضوابط الضرورية، والكفيلة بالحد من الحوادث. وبالفعل عقدت مؤتمرات، وتم اتخاذ العديد من الخطوات والإجراءات من جانب شرطة عمان السلطانية، وبالتعاون كذلك مع المؤسسات الإعلامية والتعليمية في البلاد، كما تم تطوير الهيئة العامة للإسعاف لتقوم بدورها في إسعاف المصابين على الطرق، بأفضل واسرع الوسائل الممكنة، بما في ذلك استخدام الإسعاف الطائر. وما زلنا نتطلع إلى خفض أكبر في أعداد الحوادث وأعداد الوفيات والمصابين فيها.

 وخلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام سجلت الحوادث المرورية في السلطنة انخفاضا بالفعل من حيث أعدادها، وذلك بنسبة بلغت 4.8% مقارنة بما كانت عليه في الفترة نفسها في العام الماضي. ومع ذلك لا تزال أعداد الحوادث كبيرة وضحاياها كثيرين، لأننا نأمل في انخفاض اكبر، وعدد اقل من الضحايا والمصابين. فخلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام وقع 5221 حادثا، بمعدل نحو 650 حادثا شهريا، أي بنحو 21 حادثا يوميا، وقد بلغ عدد وفيات تلك الحوادث 622 شخصا منهم 405 مواطنين، وزاد عدد المصابين عن سبعة آلاف مصاب، منهم 5648 مواطنا، حسب إحصائيات شرطة عمان السلطانية.ومع تقدير الجهود المبذولة من جانب شرطة عمان السلطانية، وكل المتعاونين معها مازلنا في حاجة إلى مزيد من العمل والتوعية لأبنائنا للالتزام بقواعد المرور وبالسرعات المقررة على الطرق لصالحهم ولصالح المجتمع أيضا، وعلينا جميعا التعاون من أجل ذلك.
 

Email