الانتهاكات الإسرائيلية تقلل فرص السلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالرغم من استمرار جولات المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، التي بذل من أجلها وزير الخارجية الأمريكية جون كيري جهدا كبيرًا، إلا أنه يبدو أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي لا تريد أن تفسح الطريق أمام إمكانية التوصل إلى نتائج تصب في مسار السلام وتسهم في تحقيق الأهداف المأمولة وهي التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة ودائمة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، في إطار حل الدولتين. ومن ثم فإنه لم يكن مصادفة أن تعمد حكومة نتانياهو إلى التصرف بازدواجية مفضوحة، وأن تعمد إلى ممارسات وانتهاكات لا يمكن إلا أن تبدد الأمل في إمكانية تحقيق السلام المنشود.

 وإذا وضعنا المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية جانبا، برغم محاولات كيري المستمرة لحث طرفيها على العمل بجدية للتوصل إلى نتائج يمكن تقديمها لمؤيدي السلام وداعميه على كلا الجانبين، وفي المنطقة وخارجها أيضًا، فإن الانتهاكات الإسرائيلية لحرمة المسجد الأقصى المبارك، وللحرم الإبراهيمي في نابلس، والإقدام على تشجيع تدنيس المستوطنين الإسرائيليين لبعض أجزاء هذين المسجدين وغيرهما، من شأنها أن تثير غضب ليس فقط الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكن أيضًا العرب والمسلمين في المنطقة وعلى امتداد العالم، وذلك نظرا للأهمية وللرمزية التي يمثلها المسجد الأقصى المبارك، والحرم الإبراهيمي كذلك.

 وفي ظل وجود وتنامي أصوات، ودعوات المستوطنين والمتطرفين الإسرائيليين، لاقتحام المسجد الأقصى المبارك، بل ولتشييد الهيكل المزعوم في نفس مكانه، فإن رعاية حكومة نتانياهو لانتهاكات المستوطنين، المنظمة والمتزايدة، وتوفير الحماية الأمنية لها أيضًا، يسهم فقط في توتير الأجواء في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتبديد أية آمال في إمكانية التوصل إلى تسوية عادلة، لأن أية تسوية لا بد وأن ترتكز على احترام حقوق ومقدسات الفلسطينيين والعرب والمسلمين في القدس المحتلة وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى جانب احترام حقوقهم المشروعة أيضًا، إذا أريد لمثل هذه التسوية أن تخرج إلى النور.

وعملاً بالمبدأ الذي طالما تحدثت عنه الولايات المتحدة، والمتمثل في أن الأمر لا يتوقف على الأحاديث أو المواقف النظرية، ولكنه يتوقف، ويرتبط بما يتم اتخاذه من إجراءات عملية على الأرض، فإن الحكم على السياسات الإسرائيلية لا يتم، ولا يمكن أن يتم من خلال إعلانات الحكومة الإسرائيلية حيال هذه المسألة أو تلك، ولكنه يستند بالضرورة إلى مواقف الحكومة الإسرائيلية، العملية مما يحدث، وكيفية تعاملها مع كل ما يجري. ومن هنا تحديدا فإن انتهاكات السلطات الإسرائيلية، ضد الفلسطينيين كأشخاص، وكشعب، وكمصالح، وحتى ضد مقدساتهم الدينية، إسلامية ومسيحية، هي في الواقع أكثر من أن تحصى، ويكفي ما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك من انتهاكات واقتحامات من جانب المتطرفين الإسرائيليين، يومًا بعد يوم، وبحماية القوات الإسرائيلية. فهل يمكن، بعد ذلك، أن يثق الفلسطينيون والعرب، ومحبو السلام والعاملون من أجل تحقيقه، في حكومة نتانياهو وما تتحدث عنه. ببساطة الواقع يكذب أية ادعاءات من جانبها.
 

Email