إسرائيل تتجاوز حدودها

إسرائيل تتجاوز حدودها

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يوجد في العالم من يملك الحق في أن يفرض على روسيا أي شيء في علاقاتها الخارجية، ولا أن يفرض عليها مع من تتعامل أو من تقاطع.

هذا الحديث يأتي بمناسبة زيارة الرئيس الروسي ميدفيديف لسوريا منذ أيام، هذه الزيارة التي فجر فيها ميدفيديف مفاجأة أدهشت الكثيرين وأغضبت البعض، عندما التقى زعيم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس، خالد مشعل، في دمشق.

وليس صحيحا ما ذكره البعض من أن اللقاء فرض على الرئيس ميدفيديف فرضا ولم يكن لديه علم مسبق به، حيث التقى ميدفيديف مع خالد مشعل استجابة لرجاء من الرئيس السوري بشار الأسد الذي حضر هو أيضا هذا اللقاء، ولم يتردد ميدفيديف في الترحيب بالمقابلة.

حيث أن علاقات روسيا بحركة حماس قائمة ومتصلة. ونذكر هنا بأنه بعد فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية، دعت موسكو وفدا من حماس لزيارة رسمية لروسيا، وحضر وفد كبير بقيادة خالد مشعل في مارس 2006، والتقى الرئيس السابق فلاديمير بوتين بالوفد الفلسطيني في الكريملين، كما دعا بطريرك الكنيسة الروسية الراحل أليكسي الثاني وفد حماس لزيارة الكنيسة، ومنذ ذلك الوقت واتصالات حماس بموسكو لم تنقطع.

وفي اللقاء ناشد الرئيس الروسي زعيم «حماس» التوصل إلى اتفاق مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، حيث إن الخلاف بين الفصائل الفلسطينية يشكل عقبة خطيرة على طريق إقامة الدولة الفلسطينية، ودعاه إلى المساعدة في إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي شاليط.

روسيا، في الشرق الأوسط بالتحديد، تختلف عن الكثيرين، في أنها تتعامل مع الجميع وبنفس الدرجة وبدون تمييز، فهي ليست مثل الاتحاد السوفييتي السابق الذي كان يقاطع إسرائيل ولا يتعامل مع بعض الأنظمة العربية، وعلاقات موسكو وتل أبيب الآن في وضع طيب للغاية.

حسب تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الذين يترددون على موسكو بكثافة ملحوظة، وبين البلدين الآن مصالح كثيرة متبادلة، ولكن هذا لا يمكن أن يفرض على روسيا أية التزامات أو شروط في تعاملها مع الآخرين.

ومن الطبيعي أن لقاء ميدفيديف بقادة حماس لم يكن ليمر بسهولة دون امتعاض واستنكار من البعض، وخاصة إسرائيل، لكن ردود الفعل الإسرائيلية جاءت مبالغ فيها بشكل وصل إلى حد استفزاز موسكو نفسها، فقد أعربت إسرائيل رسميا عن خيبة أملها العميقة من جراء هذا اللقاء.

وذكرت الإذاعة الإسرائيلية نقلا عن بيان صدر من وزارة الخارجية الإسرائيلية، أن حماس «منظمة إرهابية بكل معنى الكلمة، تلطخت أياديها بدماء العديد من المواطنين الإسرائيليين بينهم قادمون جدد من روسيا وسائر دول الاتحاد السوفييتي سابقا».

والغريب أن بيان الخارجية الإسرائيلية ربط بين حركة المقاومة الفلسطينية حماس وبين المتمردين الشيشان، حيث جاء فيه بالنص «ليس هناك أي فرق بين قادة حماس وكبير الإرهابيين الشيشان شامل باساييف، كما أن إسرائيل تشعر بخيبة أمل لا سيما في ضوء تأييدها للجهود التي تقوم بها السلطات الروسية لقطع دابر الإرهاب، وخاصة المنطلق من الشيشان».

غريب حقا شأن الإسرائيليين الذين كانوا يدعمون المتمردين الشيشان بشكل غير مباشر حتى وقت قريب، سواء بدعمهم ماديا عن طريق رجال الأعمال الروس اليهود الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، والذين فر بعضهم لإسرائيل وبعضهم إلى لندن، مثل رجل الأعمال والمافيا بوريس بيرزوفسكي، الذي لم ينكر كبير الإرهابيين الشيشان شامل باسييف، على حد وصف بيان الخارجية الإسرائيلية له، تلقيه دعما ماديا كبيرا منه قدره خمسة وعشرين مليون دولار.

كما أن إسرائيل كانت وما زالت تدعم نظام الرئيس الجورجي ساكاشفيلي وتمده بالسلاح علنا، بينما ساكاشفيلي يدعم المتمردين الشيشانيين ويؤويهم في بلاده، وهو ما ثبت في اعتدائهم على مدرسة الأطفال في مدينة بيسلان في أوسيتيا الشمالية عام 2005 وقتلهم العديد من الأطفال هناك، وقد انطلقوا من الأراضي الجورجية.

لقاء ميدفيديف بقائد حركة حماس في دمشق، لا يحمل أية شبهة عداء أو ضرر بإسرائيل، ولكن رد الفعل الإسرائيلي هو الذي يحمل تجاوزا منها لحدود العلاقات مع بلد كبير مثل روسيا، لا يقبل من أية جهة أن تفرض عليه مع من يتعامل ومن يرفض.. وعلى إسرائيل أن تراجع حساباتها جيدا قبل أن تفكر في محاسبة روسيا.

رئيسة المركز الروسي الحديث لاستطلاعات الرأي

mekhaelovna@mg.ru

Email