كلما يأتي رئيس أميركي إلى سدة الحكم، تبدأ الأبحاث حول تاريخه، حول نسبه وشجرة أسلافه.
وفي هذه النقطة بالتحديد يبدو أن الأميركان يشبهوننا كثيراً، فالعرب برعوا في علوم الأنساب منذ ما قبل الإسلام، ولا يزالون كذلك حتى اليوم.
ولأول مرة، منذ الاستقلال الأميركي عن التاج البريطاني عام1776، يحدث أن يتنافس على مقعد الرئاسة، أميركي من أصول زنجية هو باراك أوباما وامرأة هي هيلاري كلينتون.
وهو أمر وجد صدى إيجابياً واسعاً بين الشباب الأميركي والأوروبي، الأبيض منهم والأسود ربما أيضاً لشعور جماعي بـ «الذنب» لأن أجدادهم الأوروبيين، هم الذين استعمروا إفريقيا وأميركا، وأداروا تجارة الرقيق عبر الأطلنطي، وحققوا أرباحاً طائلة منها.
ومن هنا قامت «جمعية شجرة الأنساب» الأميركية للأنساب، وهي جمعية يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1845. وتصف هذه الجمعية نفسها بأنها أقدم مؤسسة متخصصة في علم الأنساب ليس فقط في أميركا وإنما العالم، ومهمة هذه الجمعية الآن تسليط الأضواء على أسلاف كل من الرئيس باراك أوباما والوزيرة هيلاري كلينتون.
وقد قامت الجمعية بتتبع جذور الشجرة العائلية لباراك أوباما، واكتشفت أن هناك بعض الأسلاف المشتركين له ولنائبه الحالي، قرابة من الدرجة التاسعة. وتقول بعد أبحاث أجرتها إن «أجداد أوباما من ناحية الأم ينتمون إلى الولايات الوسطى والجنوب من ناحية المحيط الأطلنطي». كما تكشف أن جدته الأولى فرنسية «إذا هاجرت الجدة الكبرى لاوباما مارين دوفال، من فرنسا إلى أميركا في القرن السابع عشر».
وكذلك تعود أصول السيدة هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، هي الأخرى إلى فرنسا، وتحديداً إلى مدينة «روان»، وهي تشترك مع النجمة الأميركية انجيليا جولي، ابنة عمها، بصلة قرابة من الدرجة الحادية عشرة.
وتنتمي هيلاري أيضاً بصلة قرابة إلى عدد من المشاهير ذوي الأصول (الفرنسية ـ الكندية)، ومنهم المغنية مادونا كأبناء عمومة من الجيل التاسع، ويعود نسبهم إلى بيير جاجني من كيوبيك الذي مات في عام 1656.
وكذلك ترتبط هيلاري بصلة قرابة إلى المغنية سيلين ديون والانيس موريست والكاتب جاك كيرواك، ولها ابنة عم أخرى هي كاميلا باركر باولز زوجة الأمير تشارلز ولي عهد إنجلترا.
أحد أسلاف باراك أوباما وهو جان كوسون، توفي في منطقة كيبك الكندية في عام 1718، حسب جمعية الشجرة العائلية الموجودة في نيو انجلترا، وهذا ما تبين ـ طبقاً للدراسة ـ أن أوباما -الذي يعود أصل والدته إلى كنساس ينتمي بصلة قرابة على الأقل لستة من الرؤساء الأميركيين ـ أقرباء له من بعيد ـ حيث يجمع أوباما في شجرة عائلته عدداً من الرؤساء الأميركيين: هاري ترومان، جيرالد فورد، ليندون جونسون، جيمس ماديسون وجورج دبيلو بوش وأباه.
وكل من بوش الأب والابن هما إذن أبناء عمومة للرئيس أوباما من الدرجة الحادية عشرة، من خلال اشتراكهما بأب روحي مشترك هو صموئيل هينكلي، وهو رجل انجليزي الجنسية مات في ماساشوسيتس في عام 1662.
أما أقرباؤه الآخرون ـ أبناء عمومة أيضاً ـ فمنهم رئيس الوزراء البريطاني الشهير وينستون تشرشل والنجم السينمائي براد بيت، الذي هو ابن عم له من الجيل التاسع لأوباما، في حين يعود نسبهم جميعاً إلى ايدوين هيكمان الذي توفي في فيرجينيا عام 1769.
أما جون ماكين منافس أوباما في الانتخابات الرئاسية عن الحزب الجمهوري، فهو ابن عم من الجيل السادس لزوجة الرئيس بوش السيدة لورا.. وأسلاف ماكين جميعهم من الجنوب الأميركي تقريباً.
نحن ننحدر جميعاً من آدم وحواء، ولسنا من القردة كما تزعم بعض النظريات. وهكذا فجميعنا أبناء عمومة شئنا أم أبينا.
وبمجيء أوباما، وجدت جمعية شجرة الأنساب وظيفتها بعد أن كانت عاطلة عن العمل لسنوات طويلة. فهذه الجمعية تنشط أيام الانتخابات وعند مجيء رئيس جديد لأميركا.
وهكذا فإن من المشروع التساؤل يحكم الولايات المتحدة؟ هل هو تاريخها ومؤسساتها أم مجرد رجال عابرون، تحت مسمى رئيس دولة؟
