من منا يحرص على زيارة المتحف ولو مرة في السنة؟ هل يحرص الآباء وأولياء الأمور على أخذ أبنائهم وبناتهم إلى المتاحف للتعرف على الآثار وتتبع الحقب التاريخية التي مرت على البلاد والحضارات التي توالت عليها عبر الزمن؟

من منا يحرص على تذكير نفسه وربطها بذلك الإرث الكبير وبذلك الزمن الموغل في القدم لكي يبقى على تواصل دائم بالجذور الثقافية وقصص الحياة التي مرت على تراب الوطن الغالي؟ من منا يستطيع في دقائق معدودة أن يعطي نبذة سريعة وملمحا قصيرا عن الأناس الذين قطنوا هذه الشواطئ والجبال والوديان والسهول والهضاب الصحراوية لأي سائل او زائر غريب؟ من منا بصراحة يلم الماما مناسبا بتاريخنا؟

أسئلة تضع الواحد فينا في غاية الحرج، فنحن في واقع الأمر لا نمارس هذا النوع من الارتباط وتجديد الذاكرة، ونحن ببساطة لا نجد من بين دوامات الجذب الحياتية متسعا من الوقت لكي نبقى على اتصال مع مكتشفات البعثات الآثارية في ترابنا وحتى نلم بمن جاء ومن ذهب في حقلها؟ في الكتب المدرسية ولاننا نضطر لتدريس أبنائنا وبناتنا نمر أحيانا مرور الكرام على شيء من تلك المعلومات، أبناؤنا وبناتنا يتماسون هم أيضا بحكم المنهج مع شيء منها، لكن لا يدور حديث عميق ومهم حولها.

وحتى لا نجلد ذواتنا نحن فقط نتيجة هذا التقصير والجهل بالعمق التاريخي للتراب الذي نحيا فوقه، فان الأسئلة ذاتها يمكن إرجاعها الى الجهات المسؤولة عن الآثار وترويج معارفها، فكم برنامج تلفزيوني يبقينا على الاتصال بمكتشفات البعثات الآثارية وتعرفنا عن قرب باللقي الآثارية وأنواعها وماهية الحضارات ومن هو الإنسان الذي سكن المكان قبلنا ومن مر وطاف عليه؟ وكم برنامج إذاعي تناول الهم ذاته، وكم تحرص الجهات المسؤولة على تقريب ثقافة المكتشفات الآثارية الى الجمهور والناس؟

في الحقيقة الجميع متساو في تحمل اللوم؟

قبل يومين انتهت المدة الزمنية لمعرض آثار الإمارات الذي أقيم في قاعة المعارض بمقر ندوة الثقافة والعلوم، والذي أقيم أصلا تزامنا مع احتفالات افتتاح مقر الندوة، وقبل يومين صرح ايضا المدير التنفيذي لشؤون الثقافة والفنون في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بأن الوزارة عازمة على تحويل هذا المعرض إلى معرض سنوي يقام سنويا تزامنا مع اليوم العالمي للآثار من اجل ان تتاح فرص مناسبة لاقتراب الجمهور من تاريخ عريق يحكي قصص أمم أقامت وأخرى مرت وعبرت عبر الزمن من فوق تراب الوطن الغالي.

حسنا تفعل وزارة الثقافة وتلتفت إلى هذا الجانب على الرغم من ان مرة واحدة كل عام قد لا تكفي على إبقاء شعلة التواصل موقدة. لكن على الأقل ستكون لدينا فرصة مرة كل سنة للقيام بإطلالة قصيرة على تاريخ الأجداد. ومع ذلك نقول انه بات من المهم جدا وفي ظل حالة الذوبان في تيارات ثقافات الآخر ان تتحول المعلومة الآثارية عن تاريخ الوطن وحضارته إلى مستهلك يومي وسهل الوصول والتعاطي.

mhalyan@albayan.ae