واشنطن وطهران تنحوان للتهدئة وشبح الحرب يبتعد

ت + ت - الحجم الطبيعي

اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الأربعاء التهدئة مع إيران بإعلانه أنّ طهران "تخفّف على ما يبدو من حدّة موقفها" بعد الضربات الصاروخية التي شنّتها على قاعدتين في العراق يتمركز فيهما جنود أميركيون لم يصب أي منهم بأذى، وقوله كذلك إنّه مستعدّ للسلام مع الجمهورية الإيرانية.

وفي خطاب إلى الأمّة من البيت الأبيض، أكّد ترامب أنّه "لم يصب أي أمريكي بأذى" في الضربة التي شنّتها إيران بصواريخ بالستية فجر الأربعاء على قاعدتين عسكريتين في العراق وأثارت مخاوف من احتمال اندلاع حرب بين واشنطن وطهران.

ومع أنّ الرئيس الأمريكي أعلن في خطابه فرض عقوبات اقتصادية إضافية "قاسية" على إيران، إلا أنه رحّب بالمؤشرات على أنّها "تخفف من حدّة موقفها"، في تلميح إلى أن الولايات المتحدة لا تنوي الرد عسكرياً على الضربة الصاروخية الإيرانية.

وقال "يبدو أن إيران تخفف من حدة موقفها، وهو أمر جيد لجميع الأطراف المعنيين وللعالم. لم نخسر أي أرواح أمريكية أو عراقية".

واختتم كلمته بالحديث مباشرة إلى الإيرانيين، وقال "نحن مستعدون للسلام مع من يسعون له".

وأشاع خطاب ترامب طمأنينة انعكست في بورصة نيويورك، التي أغلقت على ارتفاع، إذ ربح مؤشر ناسداك 0,67% ليستقر عند 9129,24 نقطة، وهو مستوى قياسي جديد.

إلا أن ترامب، الذي يواجه المحاكمة بهدف عزله في الكونغرس، وحملة صعبة لاعادة انتخابه في نوفمبر، تباهى بقراره إصدار أمر بقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني الجمعة في ضربة جوية أمريكية.

وقال الرئيس الجمهوري إن سليماني، الذي يعتبر بطلا قوميا في إيران، هو "أكبر إرهابي في العالم.. وكان يجب قتله قبل فترة طويلة".

وبعد ذلك دعا حلفاءه الأوروبيين وغيرهم من القوى العالمية إلى الاقتداء بواشنطن والانسحاب من الاتفاق النووي المتعثر الذي أبرم مع إيران في 2015.

بدوره اعتبر وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر أنّ الولايات المتحدة استعادت باغتيال سليماني "مستوى من الردع" مع إيران.

صواريخ على قاعدتين في العراق

وكانت إيران أطلقت فجر الأربعاء صواريخ بالستية على قاعدتين يتمركز فيهما جنود أمريكيون في العراق انتقاماً لمقتل سليماني، الأمر الذي هدّد بتفجير الوضع في المنطقة.

وقال المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي إن الضربة الصاروخية هي "صفعة على وجه" الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أنه سيتم شن المزيد من الهجمات.

وفي العراق، قال المتحدث الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي، "تلقينا رسالة شفوية رسمية من إيران بأن الرد الإيراني على اغتيال الشهيد قاسم سليماني قد بدأ، وأن الضربة ستقتصر على أماكن تواجد الجيش الأمريكي في العراق".

وأوضحا أنّ الجانب الأمريكي "اتصل بنا في الوقت نفسه، وكانت الصواريخ تتساقط على الجناح الخاص بالقوات الأمريكية في قاعدتي عين الأسد في الأنبار وحرير في أربيل".

غير إن الرئاستين الأخريين، الجمهورية والبرلمان، أعربتا عن استنكارهما لـ"انتهاك السيادة العراقية" وتحويل البلاد إلى "ساحة حرب".

وقال الجيش العراقي إن الضربات لم تؤد إلى وقوع خسائر في صفوف القوات العراقية.

"تصعيد كبير"

من جانبه، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن إيران "أثبتت بوضوح أنها لا تتقهقر أمام أمريكا"، وقال "إذا ارتكبت الولايات المتحدة جريمة أخرى، عليها أن تعلم بأنها ستلقى رداً أكثر حزماً".

أما  وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف فغرد بدوره، قائلا "نحن لا نسعى إلى التصعيد أو الحرب، لكنّنا سندافع عن أنفسنا ضدّ أيّ اعتداء".

إدانات

ودان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الأربعاء الهجوم الإيراني داعياً إلى "الامتناع عن تصعيد العنف أكثر".

ودعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون طهران إلى "احتواء التصعيد بصورة عاجلة"، مندداً بالهجمات.

الديمقراطيون على موقفهم

والأربعاء أيضاً أعلنت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي أنّ المجلس الذي يهيمن عليه حزبها الديمقراطي سيصوّت الخميس على مشروع قرار يمنع الرئيس من خوض حرب ضد إيران.

ويشكّك العديد من أعضاء المعارضة الديمقراطية في قانونية أمر الاغتيال الذي أصدره ترامب.

وللإجابة على هذه الأسئلة أطلع وزيرا الخارجية مايك بومبو ومارك إسبر أعضاء الكونغرس على المعلومات التي بحوزتهما بهذا الشأن، وذلك في جلسة عقدت أمس الأربعاء خلف أبواب مغلقة.

وقالت بيلوسي "مخاوفنا لم تتبدّد" على الرّغم من المعلومات السرية التي اطّلع عليها النواب من مسؤولين كبار في إدارة ترامب خلال جلسة مغلقة عقدت لإطلاعهم على الظروف التي أملت على ترامب إصدار الأمر باغتيال سليماني.

لكن حتى وإن صوّت مجلس النواب على مشروع القرار فهذا لا يعني أنّه سيرى النور لأنّ مصيره سيكون على الأرجح الوأد في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون الموالون للرئيس.

وجدّدت بيلوسي انتقادها للغارة، التي قتل فيها سليماني، معتبرة أنها "كانت ضربة عسكرية غير متكافئة واستفزازية" تقرّرت "بدون استشارة الكونغرس".

وأضافت "لقد أدّى هذا العمل إلى تعريض جنودنا ودبلوماسيينا ومواطنينا للخطر لأنّه أدّى لخطر إحداث تصعيد خطير للتوتر مع إيران"، في وقت أظهر فيه ترامب "أنّه ليست لديه أيّ استراتيجية متّسقة" بهذا الصدد.

تعليق الطيران

من ناحية أخرى تحطمت طائرة تابعة للخطوط الجوية الأوكرانية من طراز بوينغ 737 على مشارف طهران بعيد دقائق من إقلاعها إلى كييف، ما أدّى إلى مقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 176 شخصاً.

ورغم أنه لم يرد أي مؤشر إلى علاقة بين تحطم الطائرة والضربة الايرانية، إلا أن العديد من شركات الطيران بينها الخطوط الفرنسية والهولندية ولوفتهانزا الالمانية، قررت تعليق رحلاتها في الأجواء الإيرانية والعراقية.

كما أعلنت هيئة الطيران المدني الأمريكية أنها منعت الطائرات المدنية الأمريكية من التحليق فوق العراق وإيران ومياه الخليج وبحر عمان.

في غضون ذلك، أبلغت إيران الأمم المتحدة أنها "لا تسعى لتصعيد أو حرب"، وذلك في أعقاب الضربات الصاروخية التي نفذتها على قوات أمريكية في العراق.

وقال سفير إيران لدى المنظمة الدولية، ماجد تاخت رافانشي، في رسالة وجهها إلى الأمين العام للمنظمة أنطونيو جوتيريش ومجلس الأمن: "العملية كانت دقيقة واستهدفت أهدافا عسكرية ومن ثم لم تخلف أضرارا جانبية للمدنيين والأصول المدنية في المنطقة".

وأضاف أن إيران "تمارس حقها الأصيل في الدفاع عن النفس بموجب ميثاق الأمم المتحدة واتخذت وأنهت إجراء محسوبا وردا عسكريا متناسبا".

كلمات دالة:
  • نانسي بيلوسي،
  • الولايات المتحدة ،
  • العراق،
  • إيران،
  • التهدئة،
  • ترامب
Email