«البيان» تفتح ملف تدخلات نظام الملالي في المنطقة والعالم (7)

المغرب في مواجهة دائمة مع محاولات الاختراق الإيراني

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الـملف PDF أضغط هنا

ما انفكت العلاقات المغربية الإيرانية تعرف حالات من المد والجزر نتيجة سعي نظام الملالي إلى التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة، وفي مارس الماضي اتهمت السلطات المغربية، إيران والمد الشيعي بتهديد الأمن والاستقرار بالمغرب بعد استقطاب آلاف المغاربة وإثارة الاحتجاجات في مناطق مغربية مختلفة خاصة في منطقة الحسيمة، شمال البلاد، التي عرفت منذ بضعة أشهر موجات من الاحتجاجات الاجتماعية.

وقالت مصادر إعلامية في الرباط إن وزارة الداخلية المغربية، وجهت تقارير تتضمن تحذيراً، من اندساس عناصر موالية لطهران في الأوساط الشعبية، وخطورة النفوذ الإيراني بالمغرب، ودوره في بعض الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة.

ووفق صحيفة «الصباح» اليومية، كشفت التقارير عن «حقائق تهدد استقرار المغرب في الوقت الراهن ومستقبلاً، حيث إن المد الشيعي استقطب آلاف المغاربة، واستوطن مدناً جديدة، حتى أن يوجد في «حي سباتة» في الدار البيضاء 40 شيعياً على الأقل، يعملون وفق أجندات إيرانية سياسياً وعقائدياً، في الوقت الذي بلغ فيه عددهم بمراكش أكثر من ستة آلاف وفي الرباط بالمئات، أغلبهم من الأطر العليا».

وأضافت أن خطورة المد الشيعي تتمثل في لجوء المتشيعين إلى التقية لإخفاء معتقداتهم، بل يحرصون على الصلاة بالمساجد، ويتجنبون الخوض في النقاشات المذهبية أمام الملأ، لكنهم ينتظمون في جمعيات وهيئات، وأن نوعية معتنقي هذا المذهب في السنوات الأخيرة تطورت بشكل كبير، حيث من بينهم أطباء بالدار البيضاء ومهندسون من الرباط وتجار كبار في مراكش، علاوة على مدن طنجة ومكناس.

نشر التشيّع

الخبير والباحث في الشؤون الأمنية يوسف العطري حذّر من وجود مخطط إيراني متكامل لنشر التشيع داخل المغرب عبر لاجئين سوريين مدربين من طرف الحرس الثوري الإيراني، واكد في حوار مع موقع «نون برس» أنه ومنذ قيام الثورة في إيران عام 1979، والإعلان عن مشروع الخميني لتصدير هذه الثورة، توجهت أنظار الإيرانيين إلى دول شمال أفريقيا وبالأخص المغرب الذي يحلم أحفاد الخميني باختراقه عبر خلق حواضن وجيوب مذهبية داخله، ومن هنا بدأ التفكير منذ سنوات في البحث عن المدخل الذي يتم عبره التسرب لعمق المملكة ذات التوجه السني المالكي.

وأوضح العطري أن «الحرس الثوري» الإيراني يعقد اجتماعاً سنوياً على مستوى القادة والدبلوماسيين الإيرانيين الذين ينتمون إلى فيلق قدس الحرس الثوري الإيراني ويتم دراسة سياسة الحرس الثوري الخارجية ومراجعتها سنوياً وعادة يتم وضع مشاريع وخطط جديد للعام المقبل لإكمال الخطط والمشاريع البعيدة المدى للحرس الثوري الإيراني في منطقة شمال أفريقيا وبالأخص المغرب.

ويضيف المتحدث ذاته أن الحرس الثوري الإيراني وجد أخيرا الطريقة التي من الممكن أن يتسرب عبرها للمغرب، حيث أصبح يراهن بقوة على قضية اللاجئين السوريين الموجودين بالمغرب لنشر التشيع، لا سيما وأن أعداداً مهمة منهم تنتسب للمذهب الشيعي.

وحسب الخبير الأمني فإن الحرس الثوري الإيراني يسعى لتدريب عناصر سورية ومن ثم الدفع بها باتجاه المغرب بذريعة طلب اللجوء من أجل تنفيذ مخططاتها المرتبطة بنشر التشيع داخل المغرب.

خلافات مبدئية

اعترضت المغرب بقوة على تأييد إيران لـ «جبهة البوليساريو» ودعمها لأعداء الوحدة الوطنية المغربية، ومع بداية الحرب الإيرانية-العراقية ووقوف المغرب إلى جانب العراق، سقطت العلاقات بين البلدين في ورطة كبيرة. وفي 2009، في عهد الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، وقعت العلاقات المغربية-الإيرانية بانتكاسة جديدة بإعلان المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران من جانب واحد، نتيجة تورّط العاملين في السفارة الإيرانية في الرباط في أنشطة نشر التشيّع بين المغاربة، وزعزعة وحدة المذهب الرسمي للبلاد، بحسب الاتهامات الرسمية.

فضلاً عن ذلك، كان استدعاء سفير المغرب إلى الخارجية الإيرانية للاحتجاج على بيان وزارة الخارجية المغربية المساند لموقف البحرين تجاه إيران، عاملاً آخر من عوامل استياء المغرب من إيران.

ويشير مراقبون إلى إن نقطة بداية المواجهة العلنية بين السلطات والحركات الشيعية كانت سنة 2008، حين أصدرت الحكومة المغربية قراراً بحل حزب «البديل الحضاري» ذي المرجعية الشيعية. وارتفعت وتيرة المواجهة مع قطع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إيران عام 2009، بعد إعلان المغرب تضامنه مع البحرين إزاء تعرضها للتدخلات الإيرانية السافرة، ولكن لأسباب أخرى أيضاً، أبرزها تورّط سفارة إيران في الرباط في زعزعة استقرار المغرب الديني والروحي، من خلال دعم تحركات الشيعة المغاربة.

نشاط ثابت

إذ أعلنت وزارة الخارجية المغربية في 2009 قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، بسبب «نشاطات ثابتة للسلطات الإيرانية، وبخاصة من طرف البِعثة الدبلوماسية بالرباط، تستهدِف الإساءة للمقومات الدِّينية الجوهرية للمملكة، والمسّ بالهوية الرّاسخة للشعب المغربي ووِحدة عقيدته ومذهبِه السُني المالكي، الذي يحميه الملك محمد السادس»، حسبما ورد في نص البلاغ الرسمي. وأصدرت حينها وزارة الداخلية أيضاً بلاغاً أكّدت فيه «حرصها على التصدّي بكل حَزم وفي إطار القوانين الجاري بها العمل، لكل الممارسات المنافية لقِيم المجتمع المغربي، ولكل المنشورات والكُتب والإصدارات، التي ترمي إلى المسّ بقيمه الدِّينية والأخلاقية».

وقد ذهب بعض المحللين إلى أن المغرب أراد من قطع علاقته الدبلوماسية مع إيران: «تحذير نشطاء التيار الشيعي في المغرب، الذين بدؤوا يتحرّكون بكامل الحرية وأصدروا جريدة «رُؤى مُعاصرة» تُعبِّر عن مواقف بعض الشيعة المغاربة، التي توقّفت بدورها، ويتّجهون نحو تشكيل جمعيات شيعية، مع أن الدولة لم ترخِّص لهم، كما حدث مع جمعية (أنوار المودّة) في طنجة أو جمعية (اللقاء الإنساني) في وجدة».

نشاط مريب

في دراسته «إيران ودول المغرب: المسألة الشيعية» أبرز الباحث المغربي أحمد موسى أستاذ اللغة الفارسية وآدابها في كلية الآداب بالجديدة والخبير في الشأن الإيراني إن علاقة السلطة في المغرب مع تيار الشيعة اتسمت بالكثير من الحذر، وذلك بغية منع انتشار الفكر الشيعي في المغرب. يأتي هذا بالرغم من هذا التهديد الذي برزت مؤشراته قوية جداً في السنوات القليلة الماضية، من خلال الأنشطة الداعمة للتشيّع التي تورطت في تنفيذها السفارة الإيرانية في المغرب، تحركات السفارة الإيرانية وُصفت ــ آنذاك - بذات «النشاط المريب» بغية تشييع المغاربة، وإخراجهم من المذهب السُني المالكي، وهو الأمر الذي حدا بالمغرب إلى قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران.

طهران تزعزع وحدة الأراضي من بوابة «الصحراء»

لم تدع إيران من شك في أنها تعمل ضد الوحدة الترابية في المغرب، وفي دراسة حول غزو التشيع لمناطق الصحراء المغربية، رصدت صحيفة «السبيل» المغربية عدداً من محاولات الإعلام الإيراني تزوير الحقائق وفبركة الوقائع، ففي 18 أغسطس 2015 بثت القناة الرسمية الإيرانية «برس تي في» فيلماً وثائقياً قصيراً، بعنوان «نحن متمردون في الصحراء الغربية»، تم تصويره من داخل مخيمات تندوف، ويتضمن شهادات لصحراويين ينددون بما سموه احتلال المغرب للصحراء.

وجاء في التقرير الذي تعمد الإساءة للمغرب، في تحديده لموقع الصحراء والمغالطة بخصوص تاريخها إن: «الصحراء على الحدود مع المغرب، والجزائر، وموريتانيا، والمحيط الأطلسي، هي آخر مستعمرة في أفريقيا تناضل من أجل استقلالها».

وأضاف أن: «الشعب الصحراوي محروم اليوم من الحق في الحصول على أرض يعيش فيها بسلام وحرية» على حد تعبيرها.

وقد سبق لقناة الميادين، الطعن في الوحدة الترابية والتهجم على المغرب، تحديداً في 01-12-2013، عندما بثت تقريراً مسيئاً للوحدة الترابية للمغرب، الذي اتهمته باحتلال ما أسمته الصحراء الغربية، بتغطية مغرضة تفوح منها رائحة التحامل والانحياز.

استفزاز

وفي إساءة أخرى أكثر رسمية هذه المرة، استفز سفير إيران بالجزائر رضا عامري المغرب بشكل كبير، في 17-02-2015، عندما أبدى تأييد بلده لموقف الجزائر من قضية الصحراء، وأشاد بـ«المواقف الثابتة للجزائر تجاه القضايا العادلة ومنها قضية الصحراء، لدعم الحلول السلمية لكثير من الأزمات».

وفي يناير 2017 تم اقتطاع الصحراء من خريطة المملكة المغربية خلال حفل افتتاح المؤتمر الدولي للحوار الثقافي بين إيران والعالم العربي في مدينة قم، وأيضاً في حفل الاختتام بمدينة مشهد، فضلاً عن رفع علم ما يسمى «الجمهورية الصحراوية»، حيث عرض المؤتمر الذي أشرفت عليه وزارة الثقافة الإيرانية خريطة المغرب مبتورة بشكل واضح من منطقة الصحراء، طيلة مدة الملتقى، وحضره عدد من البلدان العربية، كما تم عرض علم البوليساريو على واجهة اللافتة الرئيسة الحاملة لأعلام جميع الدول العربية.

وفي هذا السياق، يجمع المحللون على أن نظام الملالي لا يزال يستعمل التقية في علاقاته السياسية، حيث يبطن ما لا يعلن، وهو وإن كان يدعي العمل على توطيد علاقاته بالمغرب، إلا أنه يعمل في الخفاء على المساس من الوحدة الترابية للمملكة، وكذلك على نشر العقيدة الصفوية في البلاد، مستغلاً في ذلك حالة التدين والولاء التلقائي لآل بيت النبوة، لدى المغاربة.

اقراء ايضاً

إيران تسعى إلى التغلغل في نسيج تونس

Email