قصّة خبرية

أبو الجلدة.. نصف قرن في «مقابر الأرقام»

زوجة الشهيد تحمل صورته

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحرص الثمانينية أم أحمد دوماً على المشاركة في الفعاليات الوطنية المناصرة للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وإحياء اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة لدى إسرائيل.

فلم يثن المرض والتقدم في السن ولهيب شمس أغسطس الحارقة، أم أحمد عن احتضان صورة زوجها الشهيد مفضي بشارات المعروف بـ «أبو الجلدة» من بلدة طمون القريبة من طوباس في الضفة المحتلة، والتوجه نحو ميدان الشهداء في نابلس لتتقدم الصفوف وترفع صورة زوجها الشهيد ضمن فعاليات إحياء اليوم الوطني لاسترداد الجثامين المحتجزة، والذي صادف يوم 27 من أغسطس الجاري. وبعد انتهاء الفعالية وتفرّق المشاركين، رافقت مراسلة «البيان» أرملة الشهيد إلى مكان هادئ، لتسرد لها تفاصيل الحكاية بعد مرور نصف قرن على استشهاد زوجها واحتجازه في مقابر الأرقام الإسرائيلية.

شهيد ابن شهيد

ويعتبر الشهيد مفضي بشارات «أبو الجلدة» النجل الأكبر للشهيد أحمد أبو الجلدة أحد قادة ثورة 1936، والذي قاوم الاحتلال على مدار 21 عاماً حارب خلالها العصابات الصهيونية التي احتلت فلسطين في العام 1948، وأعدم شنقاً بسجن المسكوبية في القدس المحتلة. ووفق ما يروي عنه المعاصرون أوان شنقه فقد كانت آخر كلماته «فلسطين أمانة في أعناقكم». لم يدرك الطفل مفضي ابن العاشرة يوم استشهاد والده أن ذات النهاية تنتظره، بعد أن عاش عمراً من النضال ضد الاحتلال.

مسيرة نضال

كبر الطفل وواصل نهج والده النضالي، إذ حارب العصابات الصهيونية أيام النكبة، ليسافر بعد انتهاء الحرب في مطلع الستينات إلى ألمانيا للعمل في شركة تصنيع سيارات، ويعود لأرض الوطن في منتصف الستينات مع انطلاقة الثورة الفلسطينية منخرطاً في صفوف المقاومة الفلسطينية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

امتهن أبو الجلدة الزراعة للتغطية على عمله العسكري، وسكن في منطقة مرج نعجة بالأغوار الفلسطينية القريبة من نهر الأردن، لتسهيل ذلك، فقد كان مسؤولاً عن نقل الفدائيين من الأردن إلى داخل الأراضي المحتلة ليقوموا بمهامهم الفدائية، واستشهد في كمين نصبه له عملاء الاحتلال في منطقة الأغوار في التاسع من أكتوبر 1969، إثر اشتباك مسلّح بينه وقوات الاحتلال سقط فيه قتلى وجرحى.

وبعد نحو نصف قرن على استشهاد مفضي أبو الجلدة واحتجازه في مقابر الأرقام الإسرائيلية، لا تزال مكانته محفوظة لدى زوجته وأبنائه وأحفاده، ويأملون في استعادة جثمانه لإقامة مراسم تشييع تليق به، ودفنه في مكان قريب يرتادونه ويحتضنون ترابه.

كلمات دالة:
  • الشهيد،
  • الاحتلال،
  • فلسطين،
  • نابلس
Email