"فئة ترامب" بـ 15 مليار دولار لمواجهة الصين.. هل ينهي "الأسطول الذهبي" هيمنة بكين؟

في خطوة وُصفت بأنها "تسونامي" في موازين القوى البحرية، أعلن الرئيس دونالد ترامب أمس الاثنين، عن تدشين بوارج "فئة ترامب" (Trump-class). هذه القلاع العائمة، التي تبلغ تكلفتها 15 مليار دولار للسفينة الواحدة، تعد حجر الزاوية في مشروعه الجديد "الأسطول الذهبي".

وبينما يتعهد ترامب بإنتاج سفن أقوى بـ 100 مرة من بوارج الحرب العالمية الثانية، يترقب العالم كيف سترد الصين على هذا التحدي النووي والفرط صوتي الذي يهدد هيمنتها في المحيط الهادئ.

وسلط إعلان الرئيس دونالد ترامب عن فئة جديدة من البوارج الحربية التي تحمل اسمه ضوءاً جديداً على برنامج بناء السفن التابع للبحرية الأمريكية، وهو البرنامج الذي فشل في السنوات الأخيرة في تسليم السفن الحربية الجديدة في المواعيد المحددة وضمن الميزانيات المرصودة، وهو أمر أشار إليه ترامب نفسه في خطابه الذي ألقاه من "مار إيه لاغو" أمس الاثنين .

وقال ترامب خلال إعلانه أنه سيلتقي قريباً بكبار المقاولين العسكريين الأمريكيين لزيادة إنتاج البوارج الجديدة وبرامج الأسلحة الأخرى: "نحن نصنع أفضل المعدات في العالم، وبفارق شاسع، لا أحد يقترب منا، لكننا لا ننتجها بالسرعة الكافية"،ولكن، على الأقل في خطة البوارج، يبدو أن البحرية ستسبح عكس التيار، سواء في بناء السفن نفسها أو في بعض أنظمة الأسلحة التي تقول الخدمة إنها ستكون على متنها.

 تشير ورقة حقائق صادرة عن البحرية الأمريكية يوم الاثنين إلى أن "فئة ترامب" ستكون "أكثر السفن الحربية فتكاً على الإطلاق".

وبطول يصل إلى 880 قدماً وإزاحة تتراوح بين 30,000 إلى 40,000 طن، ستكون أيضاً أكبر السفن القتالية السطحية التي تبنيها البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.

للمقارنة، كانت بوارج تلك الحقبة، مثل البارجة الشهيرة "يو إس إس ميسوري" التي شهدت استسلام اليابان عام 1945، بطول 887 قدماً وإزاحة حوالي 58,000 طن، بينما أكبر السفن القتالية الحالية هي مدمرات "زموالت" التي تزيح 15,000 طن فقط.

وحسب التصور، ستتمتع هذه السفن "بأكبر قوة نارية تدميرية لأي سفينة سطحية أبحرت على الإطلاق - مع القدرة على ضرب الخصم بمدى يعادل 80 ضعف مدى الفئة السابقة"، وفقاً للموقع الإلكتروني الجديد للبحرية المخصص لهذه السفن.

ستسلح البوارج بصواريخ كروز جديدة ذات قدرات نووية يتم إطلاقها من 12 خلية، وستكون هذه الصواريخ "فرط صوتية" - أي تزيد سرعتها عن خمسة أضعاف سرعة الصوت - وقابلة للمناورة لتضليل دفاعات العدو.

ستتضمن "فئة ترامب" أيضاً 128 خلية إطلاق عمودية يمكن استخدامها لصواريخ كروز "توماهوك" الأبطأ، أو الصواريخ المضادة للسفن، أو صواريخ الدفاع الجوي الاعتراضية.

وستشمل الأسلحة الأخرى "المدفع الكهرومغناطيسي" (Rail Gun)، ومدافع تقليدية عيار 5 بوصات، ومجموعة من أسلحة الليزر والمدافع الأصغر. وبشكل عام، قال ترامب إن السفن المخطط لها ستكون أقوى بـ 100 مرة من بوارج حقبة الحرب العالمية الثانية.

 وفيما يتعلق بعقبات البناء والتنفيذ لم تعتمد الإدارة جدولاً زمنياً لمرحلة التصميم التي قال الرئيس إنه سيشارك فيها شخصياً ، أو لبناء أول سفينتين. وسيقود مشروع البوارج الجديد قاعدة لبناء السفن البحرية عانت من صعوبات في التسليم خلال السنوات الأخيرة، والتي وصفها وزير البحرية جون فيلان هذا العام بأنها تعيش حالة من الفوضى، حيث صرح أمام جلسة استماع بمجلس النواب في يونيو الماضي  قائلاً: "جميع برامجنا في حالة يرثى لها ! أعتقد أن أفضل برامجنا يتأخر ستة أشهر ويتجاوز الميزانية بنسبة 57%".

وفي الشهر الماضي، ألغى فيلان برنامج فرقاطات "كونستليشن"، الذي كان متأخراً عن جدوله بنحو ثلاث سنوات، وكان من المتوقع أن ينتج سفناً أصغر بكثير وأقل تعقيداً من البوارج الجديدة التي يقترحها ترامب الآن.

أما بالنسبة للسفن الكبيرة والمعقدة، فقد تأخرت أحدث حاملة طائرات أمريكية "يو إس إس جون كينيدي" حوالي عامين عن موعد تسليمها المقرر، وعزي ذلك إلى أنظمة الهبوط ومصاعد الأسلحة الجديدة التي لا تزال الخدمة تحاول اعتمادها.

ثم تبرز مسألة الجهة التي ستبني هذه البوارج، فأحواض بناء السفن الأمريكية منهكة بالفعل في أعمال البناء والصيانة الحالية.

وقال المحلل كارل شوستر، القبطان السابق في البحرية الأمريكية: "لم تعد لدينا البنية التحتية الصناعية البحرية للقيام بذلك بسرعة".

وأوضح شوستر أن السفن بحجم "فئة ترامب" ستحتاج إلى نفس مساحة الأحواض التي تحتاجها سفن الدعم اللوجستي والبرمائي الكبيرة، لذا سيلزم إعادة تنشيط الأحواض المغلقة أو بناء أحواض جديدة.

 وفيما يتعلق بأزمة العمالة والتكاليف يؤكد شوستر أن تنفيذ البرنامج يتطلب "برنامج توظيف وتدريب على مستوى وطني" لعمال أحواض السفن والمتخصصين في الأنظمة الكهربائية وأجهزة الاستشعار.

وكان الوزير فيلان قد أشار مؤخراً إلى صعوبات التوظيف، خاصة فيما يتعلق بالأجور؛ فإذا كان بإمكان العمال كسب نفس المال من العمل في مستودعات "أمازون" أو المتاجر، فمن غير المرجح أن يختاروا الوظائف الشاقة والمضنية في أحواض بناء السفن البحرية.

وعلى صعيد التكلفة، قال ترامب إن البوارج الجديدة ستحل في النهاية محل مدمرات "أرلي بيرك"، العمود الفقري للأسطول الأمريكي، والتي تكلف حوالي 2 مليار دولار لكل منها.

بينما قد يصل سعر السفينة الواحدة من "فئة ترامب" إلى 15 مليار دولار، وفقاً لتقرير صادر عن "أخبار المعهد البحري الأمريكي".

 وعن  تحديات الاستمرارية والتقنيات أشار شوستر إلى سجل البحرية المتقلب في إتمام برامج بناء السفن الطموحة، ومنها مدمرات "زموالت" التي بدأ برنامجها في التسعينيات بخطة لـ 32 سفينة، قُلصت في النهاية إلى ثلاث سفن فقط.

وكذلك فرقاطات "كونستليشن" التي قُلصت من 20 إلى سفينتين بحد أقصى. كما أن البرامج التي وصلت لأعدادها المخططة، مثل "سفن القتال الساحلية"، واجهت مشكلات في الموثوقية وأُخرج بعضها من الخدمة بعد 5 سنوات فقط.

علاوة على ذلك، ستحتاج بعض الأسلحة المخطط لها، مثل "المدفع الكهرومغناطيسي"، إلى الإنقاذ من سلة المهملات، حيث ألغت البحرية البرنامج عام 2021 بسبب تحديات تقنية واستهلاكه الهائل للطاقة.

ويرى شوستر أن نجاح هذا المشروع يتطلب "تنظيف" قيادة الأنظمة البحرية التي اتهمها بالإخفاق في كل برامج السفن السطحية في هذا القرن.

 مؤكدا  أن  مستقبل ساحة المعركة البحرية حتى لو تمكنت البحرية من إنزال "فئة ترامب" إلى المياه، يظل السؤال: هل هي مناسبة للمهمات الحالية؟ هذا السؤال يطرح الآن حتى حول حاملات الطائرات؛ فهل يمكن لهذه السفن الضخمة الصمود في نزاع مع خصم مثل الصين يمتلك صواريخ "DF-26" الملقبة بـ "قاتل الحاملات"؟

يرى بعض المحللين أن واشنطن يجب أن تركز على أعداد كبيرة من السفن الصغيرة والدرونات لتشتيت أهداف العدو، بدلاً من وضع كل القوة النارية في منصة واحدة ضخمة ومعرضة للخطر.

كما تبرز تهديدات الطائرات والزوارق المسيرة الرخيصة، والتي أثبتت في حرب أوكرانيا قدرتها على إعطاب أو إغراق السفن الكبيرة.

وإذا تمكنت الدرونات الصينية من زرع ألغام تخنق الموانئ الأمريكية، فلن تتمكن هذه البوارج من الخروج لاستخدام قوتها الهجومية.

ومع ذلك، يرى المحللون أن واشنطن قادرة على كسب الرهان إذا اتبعت نموذج "برنامج أبولو" واستعانت بحلفائها مثل كوريا الجنوبية واليابان لتجاوز أزمة التصنيع، وهو تعاون بدأ ترامب يشيد به بالفعل.