خطابات ترامب.. من أكذوبة التضخم الصفرية إلى لغز الـ 18 تريليون دولار!

في مواجهة مباشرة مع الأرقام، أطل الرئيس دونالد ترامب من البيت الأبيض في خطاب حاملاً حزمة من الادعاءات الاقتصادية والسياسية التي أثارت عاصفة من الجدل.

وبينما حاول الرئيس تصوير الوضع الحالي كـ "معجزة اقتصادية"، تكشف البيانات الرسمية الصادرة عن مكاتب الإحصاء الفيدرالي واقعاً مغايراً تماماً  تهدم  شفرة خطاب الرئيس وتضع كل ادعاء تحت مجهر التدقيق، من أسعار السلع الأساسية وصولاً إلى أرقام الاستثمارات الفلكية.

 ادعى الرئيس ترامب أن "التضخم قد توقف"، إلا أن لغة الأرقام الموثقة تدحض هذا الزعم؛ فمعدل التضخم السنوي وقت إلقاء الخطاب كان 3.0% لشهر سبتمبر2025 ، وهو نفس المعدل الذي كان عليه عند توليه منصبه في يناير 2025.

ورغم أن بيانات نوفمبر أظهرت انخفاضاً طفيفاً إلى 2.7%، إلا أن هذا التراجع يعني "تباطؤ وتيرة الزيادة" وليس توقفها كما ادعى الرئيس.

كما كرر ترامب مغالطة تاريخية بأن تضخم عهد بايدن كان الأسوأ في التاريخ، متجاهلاً أن الرقم القياسي الفعلي سُجل عام 1920 بنسبة 23.7%، وأن التضخم التراكمي في عهد بايدن كان أقل من نصف ما سجله الرئيس جيمي كارتر!!

وفيما يتعلق  بملف المعيشة، زعم ترامب أن أسعار كل شيء "تتراجع بسرعة"، بينما تؤكد بيانات مؤشر أسعار المستهلك (CPI) أن أسعار البقالة ارتفعت بنحو 2.7% عن العام الماضي.

وفي قضية أسعار البيض، استخدم ترامب رقم انخفاض قدره 82%، وهو تلاعب إحصائي حيث كان يشير لأسعار "الجملة"، بينما لم يشعر المستهلك العادي إلا بانخفاض قدره 54%.

وبالمثل في ملف الوقود، ادعى وصول السعر لـ 1.99 دولار، بينما الحقيقة أن 4 ولايات فقط كان متوسطها تحت 2.50 دولار، وعدد المحطات التي عرضت السعر الذي ذكره ضئيل جداً مقارنة بآلاف المحطات في البلاد.

لغز الـ 18 تريليون والسياسة الخارجية

أطلق ترامب رقماً وصفه الخبراء بالخيالي، وهو تأمين 18 تريليون دولار من الاستثمارات خلال رئاسته الثانية، بينما يذكر موقع البيت الأبيض نفسه رقم 9.6 تريليون دولار، وكشفت المراجعات أن حتى هذا الرقم يتضمن تعهدات تجارية غامضة لا تعتبر استثماراً مباشراً ؟!

وعلى الصعيد الدولي، ادعى "تسوية ثماني حروب"، متضمناً نزاعات لم تصل لمرحلة الحرب أصلاً (مثل سد النهضة)، وصراعات لا تزال مشتعلة في الكونغو، واندلاع قتال جديد بين تايلاند وكامبوديا رغم اتفاقات السلام المزعومة.

الهجرة والخدمات الاجتماعية: أرقام خارج السجلات كرر ترامب ادعاءه الكاذب بدخول 25 مليون مهاجر في عهد بايدن، بينما السجلات الفيدرالية سجلت أقل من 11 مليون مواجهة تشمل المطرودين.

كما ادعى أن قانونه ألغى الضرائب على الضمان الاجتماعي، بينما الحقيقة هي منح "خصم مؤقت" ينتهي في 2028، وسيظل ملايين المتقاعدين خاضعين للضريبة.

وفي ملف الجريمة، زعم وصولها لمستويات قياسية، بينما تؤكد بيانات مكتب التحقيقات الفيدراليانخفاض الجرائم العنيفة في 2023 و2024 عكس ادعاءات الرئيس تماماً.

  والجدير بالذكر ان ما وراء صخب الخطاب إن هذا التباين الشاسع بين "الخطاب السياسي" و"الواقع الإحصائي" يضع ثقة المستهلك الأمريكي في اختبار صعب.

فالاعتماد على أرقام مضخمة وسياقات مجتزأة قد يخدم الأهداف الانتخابية والسياسية قصيرة المدى، ولكنه يصطدم بواقع الأسعار التي يدفعها المواطن يومياً.

إن "التضخم الإعلامي" للإنجازات لا يغير من حقيقة أن القوة الشرائية للأسر لا تزال تحت الضغط، وأن حل الأزمات الاقتصادية يتطلب بيانات دقيقة وسياسات واقعية، بعيداً عن صخب الوعود التي لا تجد لها مكاناً في سجلات المحاسبة الرسمية.