ترامب يصف أزمة بنسلفانيا بـ "الخدعة".. فهل ينقذ فانس الاقتصاد قبل كارثة التجديد النصفي؟

تباهى الرئيس دونالد ترامب أمام سكان ولاية بنسلفانيا بأنه حقق لهم اقتصادًا "لا يصدق" !

والآن، تقع على عاتق نائب الرئيس جي دي فانس مهمة شرح سبب عدم شعورهم بعد بفوائد هذا الاقتصاد، سيعود فانس إلى الولاية المتأرجحة اليوم الثلاثاء للترويج للأجندة الاقتصادية لترامب، مسجلاً بذلك أحدث محاولة لمعالجة مخاوف القدرة على تحمل التكاليف التي تعيق شعبية الرئيس  وتثير المخاوف بين الجمهوريين من أنهم يتجهون نحو كارثة في انتخابات التجديد النصفي (انتخابات 2026).

لقد أصبحت أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة في الولايات المتحدة، بما في ذلك ارتفاع أسعار السكن والبقالة، مشكلة سياسية شاقة للحزب الجمهوري، وهي مشكلة يقر العديد من مسؤولي البيت الأبيض بضرورة إصلاحها مع اقتراب عام 2026.

لكنها أيضاً قضية رفض ترامب نفسه الاعتراف بها بالكامل، مُصراً بدلاً من ذلك على أن الاقتصاد مزدهر بالفعل وأن المخاوف المالية للناخبين مبالغ فيها.

ففي حديثه في ماونت بوكونو بولاية بنسلفانيا الأسبوع الماضي، في المحطة الأولى مما يسمى بـ "جولة القدرة على تحمل التكاليف" المتوقع أن تنطلق بقوة في أوائل العام المقبل، تجاهل ترامب إلى حد كبير ملاحظاته المعدة مسبقاً لصالح خطاب مليء بالاستطرادات، لم يتطرق إلا من حين لآخر لمخاوف تكلفة المعيشة.

وواصل ترامب لوم الرئيس السابق جو بايدن بلا هوادة على أي سلبية مرتبطة بالاقتصاد، وقد ترك هذا الأمر لفانس لتقديم الرسالة الأكثر دقة وتعاطفاً التي لم يقدمها ترامب، بينما يحاول مسؤولو الإدارة الوصول إلى الائتلاف الأوسع من الناخبين الذين أعادوا ترامب إلى البيت الأبيض ، والذين أصبحوا الآن متشككين بشكل متزايد في وعده ببدء "عصر ذهبي" اقتصادي.

أكد مستشارو ترامب الذين يعملون على تطوير خطاب الإدارة حول القدرة على تحمل التكاليف على الحاجة إلى الدعوة إلى الصبر وبث الأمل في أن المد الاقتصادي سيتغير قريباً، بدلاً من رفض أو التقليل من شأن صراعات الأمريكيين.

وقال توماس فيليبسون، المسؤول الاقتصادي السابق الرفيع في إدارة ترامب: "يجب أن تأخذ الناس على محمل الجد،لا أعتقد أنه يمكنك دحض ما يشعرون به".

وأضاف: "إنهم ليسوا خبراء في أسباب شعورهم بالضيق، لكنهم بالتأكيد خبراء في ما إذا كانوا يواجهون وقتاً صعباً أم لا".

ومن المتوقع أن يردد نائب الرئيس، في تصريحاته في مقاطعة" ليهاي" اليوم الثلاثاء، الكثير من الحجج التي طرحها خلال حدث لـ "بريت بارت نيوز" الشهر الماضي، عندما تناول مخاوف الأمريكيين بشأن القدرة على تحمل التكاليف بشكل مباشر.

لقد جادل بأن الإدارة قد أحرزت "تقدماً لا يصدق" في التضخم، بينما اعترف أيضاً بأن الناس ما زالوا يكافحون وطلب الصبر للسماح لسياسات ترامب بالاستقرار.

وقال فانس في ذلك الحدث: "بقدر ما أحرزنا من تقدم، سيستغرق الأمر وقتاً قصيراً حتى يشعر كل أمريكي بهذا الازدهار الاقتصادي، الذي نعتقد حقاً أنه قادم. نحن نؤمن بأننا في بدايته".

وأكد متحدث باسم فانس هذه الرسالة عند استعراض خطاب نائب الرئيس، قائلاً: "بدأت فوائد الأجندة الاقتصادية لترامب للتو في الظهور وهناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به في العام الجديد".

وأضاف المتحدث: "توقع أن يشدد نائب الرئيس فانس على حقيقة أن جعل أمريكا ميسورة التكلفة مرة أخرى هو الأولوية رقم 1 لإدارة ترامب".

 في داخل البيت الأبيض، يجادل المساعدون بأن أساسيات الاقتصاد أقوى مما يعتقده معظم الناخبين، مشيرين إلى ارتفاع سوق الأسهم وموجة التزامات الاستثمار في القطاع الخاص منذ تولي ترامب منصبه.

ويشيرون إلى أن متوسط أجور الأمريكيين يرتفع بوتيرة أسرع من معدل التضخم، مما يزيد من قوتهم الشرائية الإجمالية، وعلى الرغم من إصرار الإدارة على أن الأسعار تتراجع، تُظهر البيانات الحديثة (سبتمبر 2025) أن معدل التضخم السنوي العام بلغ 3.0%، مع ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة 3.1%، وظلت تكاليف المأوى ترتفع بنسبة 3.6% على أساس سنوي، مما يفاقم الأزمة المعيشية لدى المواطنين.

وعلى الرغم من الاهتمام الذي يولى للارتفاع الصاروخي في أسعار بعض السلع مثل لحم البقر، يجادل المسؤولون بأن الأسعار في أماكن أخرى تستقر أو تتراجع، حيث ضاعفت الإدارة جهودها في الأسابيع الأخيرة لتسليط الضوء على انخفاض أسعار البنزين.

ومع ذلك، حتى لو كانوا يحققون بعض المكاسب على الورق، تظهر الاستطلاعات أن الأمريكيين ببساطة لا يشعرون بأمان مالي أكبر ، مما يخلق تحدياً في الرسالة الإعلامية أحبط إدارة بايدن لسنوات وهو الآن يثقل كاهل ترامب.

أظهر استطلاع حديث لمؤسسة غالوب (نوفمبر 2025) أن إجمالي شعبية ترامب تراجعت إلى 36%، وهي أدنى نقطة في ولايته الثانية.

بل والأكثر إثارة للقلق، أن استطلاع مركز نورك لأبحاث الشؤون العامة أظهر أن تأييد تعامله مع الاقتصاد انخفض إلى 31%، مما يؤكد فشل رسالته في أن تلقى صدى لدى الناخبين.

وقال  المستشار  الاقتصادي  فيليبسون: "الأشياء التي ينظر إليها الاقتصاديون، ليست هي الأشياء التي يهتم بها المستهلك العادي". وأضاف: "لديهم حياتهم الخاصة ليديروها ولا يهتمون بالإحصاءات الاقتصادية".

و  حاول نائب الرئيس جي دي فانس ، الذي يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه محرك رئيسي للرئيس في القضايا السياسية العليا، التخفيف من مخاوف الناخبين من خلال التأكيد على أن توقعاتهم المالية ستتحسن في عام 2026 مع بدء سريان السياسات الضريبية الجديدة التي تم إقرارها كجزء من "مشروع قانون الجمهوريين الكبير والجميل".

كما سعى إلى إلقاء اللوم على إدارة بايدن في المخاوف المستمرة بشأن التضخم، مما يعكس جهداً أوسع من البيت الأبيض لإعادة توجيه الانتقادات بشأن صعوبات تكلفة المعيشة حتى مع اعتراف المسؤولين بوجودها.

وقال مسؤول: "من واجب هذا البيت الأبيض أن يظهر أن الرئيس ورث اقتصاداً متضرراً، وأن الأمور تسير نحو الأفضل الآن، خاصة بمجرد أن تبدأ سياساته في العمل حقاً".

ومع ذلك، ستكون رحلة فانس الى ولاية بنسلفانيا بمثابة اختبار رئيسي لما إذا كان بإمكانه النجاح كسياسي  فعال للقضية ، خاصة إذا استمر ترامب في اتباع استراتيجية اتصال أقل تعاطفاً.

يشير ترامب إلى الاهتمام المتزايد بالقدرة على تحمل التكاليف باعتباره "خدعة ديمقراطية" (Democratic hoax)، على الرغم من أن المسؤولين حاولوا توضيح أنه يشير إلى ادعاء الديمقراطيين بـ "امتلاك" القضية، وليس المخاوف الاقتصادية الأوسع للناخبين.

وقد قاوم الرئيس أيضاً الاعتراف بأي عيوب في إدارته للاقتصاد، حيث منح تعامله معه درجة "A بخمسة بلس" وأصر على أن الأسعار "تتدهور" على الرغم من الأدلة واسعة الانتشار على عكس ذلك.

إنها رسالة يعترف حتى حلفاء ترامب بأنها لا تلقى صدى لدى الناخبين، وقال ستيفن مور، المستشار الاقتصادي السابق لترامب، "كان هناك شعور حقيقي بالتفاؤل بعد فوز ترامب بين الكثير من الناخبين"،وأضاف: "وقد تبدد هذا الشعور".