هل باتت جامعات "آيفي ليغ" هدفاً جديداً لفوضى السلاح في أمريكا؟

في صدمة أمنية تهز أعرق مؤسسات النخبة الأمريكية، لم يعد العنف المسلح قاصراً على المدارس الثانوية والأحياء الفقيرة؛ بل وصل إلى قلب "آيفي ليغ" (Ivy League) نفسها.

إن حادث إطلاق النار في "جامعة براون"، الذي أودى بحياة طالبين وأصاب تسعة آخرين، لا يمثل مجرد "حادث جماعي" جديد يرفع الرقم المخيف لهذا العام إلى 389 هجوماً في الولايات المتحدة، وفقاً لموقع "أرشيف العنف المسلح" (Gun Violence Archive)، بل هو دليل صارخ على أن الدولة عاجزة عن حماية حتى أكثر مواطنيها حظاً.

فبينما يتبادل السياسيون اللوم والدعوات الصماء للصلاة، يبقى السؤال المثير للجدل: هل أصبحت الأسلحة حقاً أهم من أرواح الطلاب، حتى في أعرق الجامعات؟

السلطات تبحث عن مسلح متخفٍ بالكامل، لكن الرصاص يخترق الآن جدران حرم جامعي كانت تُعد ذات يوم ملاذاً آمناً.

تواصل الشرطة جهود البحث عن مسلح أقدم على قتل طالبين وإصابة تسعة أشخاص آخرين في جامعة براون المرموقة في بروفيدنس، رود آيلاند.

وتقول الشرطة إن المهاجم رجل يرتدي ملابس سوداء بالكامل وفرّ سيراً على الأقدام، وقد تم تفعيل تحذير "الاحتماء في المكان" للمنطقة المحيطة بالجامعة المرموقة.

ويُصنف هذا الهجوم بأنه حادث إطلاق نار جماعي، وفقاً لتعريف الموقع الذي يحدد الحادث الجماعي بأنه الذي يضم أربعة ضحايا أو أكثر بين قتيل وجريح، باستثناء المهاجم.

وقع إطلاق النار المروع في إحدى قاعات الدراسة حوالي الساعة 16:00 بالتوقيت المحلي (21:00 بتوقيت غرينتش) يوم السبت، وذلك في مبنى "هولي" الهندسي الواقع في الطرف الشرقي من حرم جامعة براون، وفقاً للمسؤولين.

وأفادت الجامعة بأن الامتحانات النهائية كانت تُجرى في المبنى وقت وقوع إطلاق النار.

مبنى باروس وهولي الهندسي عبارة عن كتلة مكونة من سبعة طوابق وتضم 117 مختبراً وعشرات الفصول الدراسية وثلاث قاعات محاضرات.

روت أستاذة اقتصاد لوسيلة إعلام محلية تدعى "Ocean State Radio" أن إطلاق النار وقع خلال جلسة مراجعة لدورتها، كان يقودها مساعدها التدريسي.

ونقلت الأستاذة راشيل فريدبيرغ عن المساعد قوله: "لقد قال إن مطلق النار دخل من الأبواب وصرخ بشيء، لم يستطع تذكر ما صرخ به ، وبدأ بإطلاق النار". وأضافت: "بدأ الطلاب يتدافعون محاولين الابتعاد عن مطلق النار، في محاولة للاختباء في مقاعد الملعب، وأصيب أشخاص بالرصاص".

وروى طالبان كانا يدرسان في مكتبة روكفلر القريبة أنهما "بقيا بعيدين عن النوافذ" عندما صدر تنبيه بوجود مسلح نشط، بينما كانا ينتظران مرافقة الشرطة. وأوضح الطالبان أن الضباط قاموا بتفتيش الطابق، وأمروهما بإسقاط حقائبهما ورفع أيديهما قبل إخراجهما من المكتبة.

جامعة براون، التي تعتبر واحدة من أقدم مؤسسات التعليم العالي في الولايات المتحدة، هي جزء من رابطة "آيفي ليغ" المكونة من جامعات النخبة في شمال شرق البلاد.

تقع الجامعة في بروفيدنس، عاصمة رود آيلاند، على بعد حوالي 50 ميلاً (80 كم) من بوسطن و 180 ميلاً (290 كم) من مدينة نيويورك.

قُتل طالبان، ويخضع تسعة أشخاص آخرين للعلاج. يقول المسعفون إن شخصاً واحداً في حالة حرجة، وستة في حالة "حرجة ولكن مستقرة"، وشخصين آخرين إصابتهما أقل خطورة.

لم يتم الكشف عن هويات القتلى أو المصابين بعد، لكن رئيسة جامعة براون، كريستينا باكسون، أكدت للصحفيين أن جميع الضحايا، بمن فيهم القتلى والجرحى، هم من الطلاب. وقالت في بيان: "إنه يوم تمنينا ألا يأتي أبداً إلى مجتمعنا. إنه أمر مدمر للغاية لنا جميعاً".

ووفقاً للشرطة، فإن الضحية التاسعة لم يُصب بطلق ناري، بل تعرض لإصابات غير مهددة للحياة جراء شظايا من إطلاق النار "حدثت بالقرب منهم".

المعلومات المتوفرة عن المسلح شحيحة جداً. لكن الشرطة نشرت لقطات كاميرات مراقبة للمشتبه به، وهو ذكر يبتعد عن مسرح إطلاق النار مرتدياً ملابس سوداء بالكامل.

لا يظهر السلاح في الفيديو، ووجهه مغطى. ويقول المسؤولون إن سلاحاً نارياً لم يُعثر عليه في مسح للمبنى يوم السبت الماضي .

لم يتأكد المحققون بعد ما إذا كان المسلح طالباً، لكن نائب رئيس شرطة بروفيدنس، تيم أوهارا، قال إن المشتبه به ذكرٌ كان يرتدي ملابس سوداء بالكامل ويبدو أنه في الثلاثينيات من عمره.

وأضاف: "نحن نستخدم كل الموارد الممكنة للعثور على هذا المشتبه به". وأفادت تقارير بأن بعض الشهود أبلغوا الضباط أنه ربما كان يرتدي قناعاً رمادياً مموهاً.

أُلقت الشرطة القبض على شخص واحد قبل أن تحدد عدم تورطه في إطلاق النار وأطلقت سراحه لاحقاً.

تجري الآن عملية ضخمة في بروفيدنس تشمل الشرطة والوكلاء الفيدراليين، حيث يحاول حوالي 400 ضابط تحديد مكان المشتبه به.

وقد طُلب من السكان والطلاب القريبين من الجامعة البقاء في منازلهم وفي الداخل، أو البقاء بعيداً عن المنطقة حتى يتم رفع تحذير "الاحتماء في المكان".

ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، متحدثاً للصحفيين أثناء عودته إلى البيت الأبيض بعد حضوره المباراة السنوية لكرة القدم للجيش والبحرية، إطلاق النار بأنه "شيء فظيع". وقال: "كل ما يمكننا فعله الآن هو الدعاء للضحايا ولأولئك الذين أصيبوا إصابات بالغة".