أثارت تحركات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التي هدفت إلى تحويل الأموال ودفع رواتب فئات معينة من الموظفين الفيدراليين خلال فترة الإغلاق الحكومي، عاصفة من الجدل القانوني والدستوري، حيث يرى خبراء ومحامون أن هذه الخطوات قد تكون غير قانونية وتُمثّل سابقة خطيرة تُقوّض سلطة الكونغرس الأساسية في تخصيص الأموال.
ووفقاً لـ"AXIOS" عادة، لا يتلقى الموظفون الفيدراليون أجورهم أثناء الإغلاق الحكومي، مما يُشكّل ضغطاً كبيراً على الكونغرس للتفاوض وإنهاء الأزمة، ومع ذلك، قامت إدارة ترامب بإعادة توجيه الأموال لضمان استمرار حصول بعض الموظفين، خاصة في الجيش وتطبيق القانون، على رواتبهم.
ويحذر خبراء القانون والسياسات من أن إنفاق المال بطرق لم يأذن بها الكونغرس هو على الأرجح تصرف غير قانوني.
إجراءات مثيرة للجدل
وقامت الإدارة بتحويل 8 مليارات دولار من أموال كانت مُخصصة للبحث والتطوير العسكري لدفع رواتب الجنود، وهي خطوة لا يوجد لها سابقة واضحة في تاريخ الإغلاقات الحكومية.
ودافع "مكتب الإدارة والميزانية" (OMB) عن هذه الخطوة في مذكرة من خمس صفحات، زاعماً أن الرؤساء يمتلكون هذه الصلاحية في حالات الطوارئ التي تُهدد الأمن القومي، مستشهداً بسوابق تاريخية مثل ما فعله جورج واشنطن في "تمرد المشروبات" عام 1794 وأبراهام لينكولن في الحرب الأهلية.
وأفادت تقارير بأن البيت الأبيض دفع أيضاً رواتب مجموعة مختارة من موظفي إنفاذ القانون، مثل ضباط الترحيل و"مراقبي الجو" وبعض العاملين في مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، رغم أنه لم يتضح مصدر هذه الأموال.
هجوم قانوني على الإدارة
ويرى النقاد أن تحويل الأموال بين السنوات المالية وتغيير تخصيصها الأصلي، كما فعلت الإدارة، يُخالف قانون مكافحة العجز (THE ANTI-DEFICIENCY ACT)، وهو قانون يعود للقرن التاسع عشر ويُلزم الوكالات بعدم إنفاق أموال تزيد عن المخصصات التي يقرها الكونغرس، أو استخدامها في غير الأغراض التي خُصصت لها.
ويؤكد الخبراء أن ما يحدث هو تقويض لسلطة التشريع، حيث يرى توماس خان، الخبير في شؤون الميزانية، أن استراتيجية دفع رواتب القوات بهذه الطريقة "تقوّض المفهوم الكامل لسلطة الكونغرس في تخصيص الأموال"، وهي سلطة دستورية أساسية منصوص عليها في المادة الأولى من الدستور، واصفاً ما يحدث بأنه "دخول إلى منطقة غاية في الخطورة".
وتصف رومينا بوتشيا، مديرة سياسات الميزانية في "معهد كاتو"، قيام الإدارة بـ "إعادة تخصيص الأموال التي أقرها الكونغرس بشكل أحادي بأنه غير قانوني، بكل بساطة"، وتتساءل: "السؤال هو: من سيوقف الإدارة؟ فالضوابط والموازين لا تنفذ نفسها تلقائياً".
الدفاع والتعقيد السياسي
في المقابل، دافع مارك باوليتّا، المستشار العام لمكتب الإدارة والميزانية، عبر منصة "إكس"، قائلاً: "ما فعله الرئيس ترامب قانوني ودستوري بالكامل".
كما نجحت الإدارة في إيجاد حل قانوني لدفع نفقات برنامج المساعدات الغذائية المهدد بالإغلاق، وهو ما اعتبره الخبراء تصرفاً قانونياً لأنه اعتمد على سلطة تحويل الأموال المنصوص عليها بالفعل في القانون.
وعلى الرغم من التحذيرات القانونية، عبّر الديمقراطيون في الكونغرس عن موقف متناقض؛ إذ اعترفوا بأن تحركات ترامب المحاسبية كانت "غير قانونية وفوضوية"، لكنهم أقرّوا في الوقت ذاته بأنهم لا يرغبون في رؤية أي موظف يتأذى، وأنه "يجب عليهم إيجاد طريقة لدفع رواتب الموظفين".
وتخلص صحيفة "أكسيوس" إلى أن التساؤل يظل قائماً، فيما هو القانوني وما هو المسموح به سياسياً، واللذان اعتبرتهما الصحيفة مسألتان مختلفتان، في ظل غياب وضوح حول كيفية إنفاذ قانون مكافحة العجز في مثل هذه الظروف.
