جواز سفرك في خطر.. قانون أمريكي جديد يهدد الحريات المدنية!

في الوقت الذي بدأت فيه عقارب الساعة تدق معلنة العد العكسي للانتخابات التشريعية النصفية في الولايات المتحدة، يسابق الحزب الجمهوري الزمن لتعزيز أجندته السياسية، وتوسيع صلاحيات الإدارة الأميركية، وخاصة السلطة التنفيذية.

وتأتي هذه المساعي في خضم حملة انتخابية شرسة، تهدف إلى تمكين الرئيس دونالد ترامب ووجوه إدارته البارزة من فرض قراراتهم وتطبيق وعودهم التي غالباً ما تصطدم بجدار المحاكم الأميركية، التي تتصدى لما تعتبره تجاوزاً على السلطة.

ويُعد المشروع التشريعي الذي قدمه الجمهوري براين ماست، رئيس لجنة الشؤون الخارجية النافذة في مجلس النواب، التحرك الأبرز والأكثر إثارة للجدل حتى الآن.

يمنح هذا التشريع المقترح وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، سلطة واسعة وغير مسبوقة لإلغاء أو رفض إصدار جوازات سفر للمواطنين الأميركيين الذين يقدمون "دعماً مادياً" لمنظمات إرهابية أجنبية.

كما يمتد هذا التعريف الفضفاض ليشمل كل من يُعتبر أنه قد "ساعد" هذه الجماعات، وهو ما يثير قلق منظمات الحريات المدنية التي ترى في هذه الصياغة باباً واسعاً للاستغلال السياسي.

استهداف الآراء السياسية

وتخشى هذه المنظمات من أن يؤدي الغموض في تعريف "الدعم المادي" إلى استخدام القانون لاستهداف الأفراد بسبب آرائهم أو خطاباتهم السياسية، وليس بناءً على أدلة جنائية واضحة.

وتشير هذه المنظمات إلى أن مشروع القانون، بهذا الشكل، قد يسمح للحكومة بسحب حق السفر الأساسي من دون رقابة قضائية كافية، مما يمثل تهديداً خطيراً لحرية التعبير.

لكن النائب براين ماست يرد على هذه الانتقادات بالدفاع عن مشروعه، مشيراً إلى أن بنداً في النص يصفه الداعمون بـ"صمام الأمان" يمنح حق الاستئناف في غضون 60 يوماً لمن تُرفض جوازات سفرهم أو تُلغى.

وتكمن دوافع ماست في خلفيته العسكرية، حيث خدم في الجيش الأميركي وفقد ساقيه في حرب أفغانستان، قبل أن يتطوع في الجيش الإسرائيلي.

هذا المسار يؤكد على قناعاته الراسخة بأولوية الأمن القومي. ويشرح ماست في بيان أن تشريعه يهدف إلى "إعادة القيادة والسيطرة إلى وزارة الخارجية"، و"يضمن أن كل دولار وكل دبلوماسي يضع مصلحة أميركا أولاً، ويكون خاضعاً للمساءلة أمام سياسة الرئيس الخارجية".

ويضيف أن القانون ليس مجرد إصلاح مؤقت لخدمة الرئيس ترامب، بل هو "إطار دائم سيقوي وزارة الخارجية ويعود بالفائدة على كل قائد أعلى يأتي بعده"، وهو ما يثير مخاوف كبيرة لدى كثيرين.

هنا يكمن الجانب الأشد خطورة في هذا المشروع، فمنح صلاحيات واسعة جداً للسلطة التنفيذية يعني أنها، في حال إقرارها، لن تقتصر على هذه الإدارة فقط.

بل ستمتد صلاحيات وزير الخارجية إلى الإدارات المقبلة، بما فيها الإدارات الديمقراطية، والتي قد تستغلها لاستهداف أشخاص يعارضون سياساتها أيديولوجياً، مما يهدد استقرار النظام السياسي. وبينما يعطي القانون الأميركي الحالي وزير الخارجية صلاحيات محدودة لسحب الجواز لأسباب تتعلق بالأمن القومي، فإن هذا المشروع يزيل القيود ويمنحه غطاءً تشريعياً لتطبيق هذه الصلاحيات بشكل أوسع.

وقد شهدت الإدارة الحالية سوابق خطيرة في هذا الشأن. فبالرغم من عدم سحب الجنسية من أي مواطن أميركي في هذا الإطار حتى الآن، إلا أن وزير الخارجية ماركو روبيو دفع نحو إلغاء تأشيرات طلاب وزائرين وحاملي البطاقة الخضراء بناءً على ادعاءات بدعمهم لمنظمات إرهابية أو ارتباطهم بقضايا سياسية حساسة.

قضايا بارزة

وتبرز هنا قضية طالبة الدكتوراه التركية روميسا أوزتورك، التي أُلغيت تأشيرتها بعد كتابتها مقالاً ينتقد إسرائيل.

فقد اعتبرت وزارة الخارجية أن مقالها يرقى إلى "توفير الدعم لمنظمات إرهابية"، وهو قرار تم الطعن فيه قضائياً.

كما أحدثت قضية الطالب محمود خليل، حامل البطاقة الخضراء، ضجة كبيرة بعد أن تم احتجازه ومواجهة مساعي لترحيله، عقب وصفه من قبل روبيو بأنه "متعاطف مع حماس" وتهديده للأمن القومي بسبب تنظيمه احتجاجات طلابية في جامعة كولومبيا.

وقد تم إطلاق سراحه بكفالة بعد معارك قضائية طويلة، لكن قضيته أصبحت رمزاً للمخاوف المتزايدة من استخدام السلطة التنفيذية لتقييد الحريات.

المشروع ليس مجرد تعديل قانوني، بل هو معركة أيديولوجية وقانونية لتحديد مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية وتوازن القوى بين السلطات، إنها خطوة نحو منح صلاحيات تنفيذية واسعة النطاق، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول مستقبل الحريات المدنية في الولايات المتحدة.