إيلون ماسك وفضيحة "الأشباح الرقمية".. القصة كاملة

في تصريحاتٍ مثيرة للجدل، أعلن إيلون ماسك وفريقه الحكومي التابع لما يُعرف بـ"وزارة كفاءة الحكومة" هذا الأسبوع، أنهم اكتشفوا ما وصفوه بفضيحة احتيال ضخم في نظام إعانات البطالة الأميركي.

أبرز ما تم تداوله هو وجود عشرات الآلاف من المطالبين بالإعانات ممن تزيد أعمارهم عن 115 عامًا، أو تقل عن خمس سنوات، بل وحتى أشخاص وُلدوا في المستقبل!

في المقابل حذّر مسؤولون من أن التركيز على "الأشباح الرقمية" التي أعلن عنها ماسك قد يصرف النظر عن الحلول الحقيقية، مثل تطوير أدوات التحليل والتدقيق ومنح التمويل اللازم للوكالات المحلية التي لا تزال تلاحق آثار الاحتيال منذ الجائحة.

ماسك غرّد على منصته "X" قائلاً: "كانت أموال ضرائبكم ستُصرف على مطالبات احتيالية لأشخاصٍ وُلدوا في المستقبل! هذا جنون اضطرني لقراءة التقرير مرات عديدة لأصدقه." بل وأشار إلى حالة زُعم أنها تعود لشخص "مولود في عام 2154" حصل على 41 ألف دولار.

لكن خلف هذه الأرقام الغريبة قصة مختلفة تمامًا، يبدو أن ماسك وفريقه لم يدركوها أو تجاهلوها عمدًا ، وفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

وكشفت الصحيفة ان تلك "البيانات غير المعقولة" ليست دليلاً على تهاون النظام، بل هي وسيلة تقنية ابتكرتها وزارة العمل الأميركية منذ بداية جائحة كورونا لعزل حالات الاحتيال الحقيقية عن الضحايا الأبرياء لسرقة الهوية.

خلال الجائحة، اتسع نطاق إعانات البطالة بشكل غير مسبوق، ما فتح الباب أمام محاولات احتيال واسعة النطاق، حيث قُدّر أن 15% من الطلبات كانت مزيفة، تعتمد على هويات مسروقة. ولحماية المتضررين من سرقة هويتهم، طُلب من الوكالات الحكومية إنشاء "سجلات زائفة" تربط بين حالات الاحتيال وأشخاص وهميين بأسماء وتواريخ ميلاد غير منطقية، حتى لا يتم تسجيل تلك الحالات على أنها تخص أشخاصًا حقيقيين.

ماسك، على ما يبدو، لم يُدرك هذه الخلفية، وأعاد تقديم هذه البيانات القديمة على أنها اكتشاف جديد، مما أثار انتقادات من مسؤولين حاليين وسابقين في وزارة العمل. قال أندرو ستيتنر، المدير السابق لبرامج البطالة بالوزارة: "هم يدّعون أن الحكومة كانت غافلة عن الاحتيال، ثم يقدمون أنفسهم كمنقذين. هذا يُقوض الثقة في قدرة الحكومة على حماية أموال دافعي الضرائب."

وسبق لماسك أن اتبع أسلوبًا مشابهًا في ملف الضمان الاجتماعي، حين نشر بيانات مضللة توحي بأن الحكومة كانت تصرف الإعانات لملايين الأموات، رغم توضيحات لاحقة من المسؤولين والخبراء كشفت أن معظم تلك الحالات تعود لسجلات تقنية وليس لصرف حقيقي.

ردًّا على ذلك، أكدت وزارة العمل أن هذه البيانات ليست مفاجئة، وأنها سبق أن ظهرت في تقارير المفتش العام لعام 2023، وتم شرحها بوضوح على أنها سجلات وهمية متعمّدة لأغراض الحماية. وقالت المتحدثة باسم الوزارة: "سنواصل التحقيق مع المختصين للوصول إلى حقيقة الهدر والانتهاكات الفعلية، لكن علينا أن نميز بين الاحتيال الحقيقي وسوء الفهم أو التشويه المتعمد للبيانات."

وفي تصريحات أخرى، حذّر مسؤولون سابقون من أن التركيز على "الأشباح الرقمية" قد يصرف النظر عن الحلول الحقيقية، مثل تطوير أدوات التحليل والتدقيق ومنح التمويل اللازم للوكالات المحلية التي لا تزال تلاحق آثار الاحتيال منذ الجائحة.

الخلاصة أن ما يُقدّمه ماسك على أنه كشف جديد قد لا يكون إلا إعادة صياغة سطحية لسياسات مفهومة ومعروفة لدى المختصين. وبينما تبقى مكافحة الاحتيال ضرورة ملحة، فإن استخدامها كأداة شعبوية لزرع الشك في مؤسسات الدولة قد يضر أكثر مما ينفع.