وسط عاصفة اقتصادية.. كيف تراجعت شعبية ترامب وفقد بريقه؟

شهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تراجعاً ملحوظاً في شعبيته خلال ولايته الثانية، بحسب ما كشفته سلسلة من استطلاعات الرأي التي نشرتها مجلة نيوزويك الأمريكية، فعلى الرغم من انطلاقته بزخم قوي ودعم كبير من قاعدته الانتخابية، بدأت أرقام التأييد في الانحدار تدريجياً وسط تصاعد الاستياء الشعبي من حالة الاقتصاد، والارتباك المحيط بسياساته التجارية.

في بداية ولايته الثانية، أظهر استطلاع أجرته شركة كوانتوس إنسايتس في يناير أن نسبة تأييد ترامب بلغت 54%، مقابل 40% رفضوا أداءه، لكن هذه الأرقام سرعان ما بدأت في التآكل، حيث سجل الاستطلاع ذاته في أبريل نسبة تأييد بلغت 47% مقابل 50% من الرافضين .

الاقتصاد، الذي كان في السابق أحد أقوى أوراق ترامب، بات الآن مصدر قلق رئيسي، فقد أدت الرسوم الجمركية التي أعلنها فجأة مطلع أبريل إلى اضطرابات في الأسواق، خاصة بعد رفعه التعريفة الأساسية إلى 10% على جميع الواردات، ثم تصعيده ضد الصين برسوم وصلت إلى 125%، قابلتها بكين بإجراءات مماثلة.

ورغم تعليق بعض الرسوم لاحقًا لمدة 90 يومًا، إلا أن الأضرار السياسية بدت واضحة، إذ أشارت استطلاعات متعددة إلى تراجع ثقة الناخبين في قدرة ترامب على إدارة الاقتصاد.

ووفقًا لاستطلاع هاريس إكس الأخير، انخفض التأييد لأدائه الاقتصادي من 50% إلى 44%، فيما يرى 54% من الأمريكيين أن الاقتصاد يسير في الاتجاه الخطأ، مقارنة بـ48% قبل أسبوعين فقط.

أما على صعيد الرسوم الجمركية، فقد أظهرت البيانات أن 72% من الأمريكيين يعتقدون أنها ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، ويخشى 71% من احتمال تسببها في ركود اقتصادي على المدى القريب.

كما كشف استطلاع آخر لـيوجوف/إيكونوميست أن صافي تأييد ترامب في القضايا الاقتصادية انخفض إلى -10، بينما تراجع تأييده في ما يخص التضخم إلى -19، حيث أعرب 55% عن عدم رضاهم، بمن فيهم 19% من ناخبيه في انتخابات 2024.

وفيما لا تزال قاعدته المؤيدة تتابع عن كثب تطورات ملف الرسوم الجمركية، أشار استطلاع كوانتوس إلى أن 51% من الناخبين لا يزالون يؤيدون السياسات الجمركية، مقابل 45% يعارضونها، وهو ما يعكس انقسامًا واضحًا في الرأي العام.

الدكتور توماس جيفت، أستاذ العلوم السياسية في جامعة لندن، صرح لنيوزويك أن التخبط في اتخاذ القرارات، وغياب الاستراتيجية الواضحة، وتضارب الرسائل من البيت الأبيض ساهمت جميعها في تقويض صورة ترامب كرجل أعمال محنك، قائلاً: "ترامب حفر لنفسه حفرة عميقة... والخروج منها لن يتطلب خطة فحسب، بل جرعة كبيرة من الحظ".

ومع دخول ترامب مراحل حرجة من ولايته الثانية، تشير المعطيات إلى أن استعادة ثقة الناخبين لن تكون سهلة ، لا سيما مع استمرار الغموض في السياسات الاقتصادية وتصاعد المخاوف من المستقبل.

 تحول كبير

من جهة أخرى وفي تحول كبير، أعفت إدارة ترامب الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وغيرها من الأجهزة الإلكترونية عالية التقنية من الرسوم الجمركية المتبادلة الشاملة التي تفرضها على العالم ــ وهو ما خفف من الضربة المحتملة التي قد يتعرض لها المستهلكون الأمريكيون وسط التوترات التجارية المتزايدة.

وأُعلن عن هذه الإعفاءات في وقت متأخر من يوم الجمعة في إشعار صادر عن هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، مما يعفي مجموعة واسعة من الأجهزة الإلكترونية من رسوم الاستيراد الباهظة، بما في ذلك تلك القادمة من الصين. ويشمل ذلك منتجات الهواتف الذكية ومكونات الكمبيوتر، التي فُرضت عليها رسوم جمركية إضافية بنسبة 145% بموجب الإجراءات التجارية الصارمة التي فرضتها الإدارة الأمريكية.