لماذا ألاسكا للقاء القمة بين ترامب وبوتين؟

ترامب وبوتين خلال لقاء في فيتنام 2017
ترامب وبوتين خلال لقاء في فيتنام 2017

في العرف الدبلوماسي، لا يكون إطلاق المسميات واختيار الأماكن والتفاصيل الأخرى، مجرد طقوس بوتوكولية، بل إن وراء الكثير منها أهدافاً ودلالات آنية أو استراتيجية.

للقاء القمة المرتقب بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، اختار البيت الأبيض ولاية ألاسكا مكاناً، ورحب الكرملين بهذا الاختيار. لماذا ألاسكا، وما الدلالات؟

مساعد الرئيس الروسي للشؤون الدولية ذهب إلى دلالة الجيرة، إذ إن «الولايات المتحدة وروسيا جارتان إلى حد التلاصق، وإن كلاً منهما تقع على مرمى حجر من الآخر»، كما نقلت وكالة سبوتنيك.

وفي الشارع الروسي يستعيدون بهذا الاختيار ذكريات الماضي، حيث إن القيصر ألكسندر الثاني بعد سنوات من التردد والجدل داخل العرش الروسي، وافق على بيع ألاسكا لأمريكا، في 30 مارس 1867 بمبلغ 7.2 ملايين دولار، أي (4.74 دولارات مقابل كل كيلومتر مربع).

الولاية الأكبر

وتعد ألاسكا وتسلسلها 49، أكبر ولاية في الولايات المتحدة وتوازي مساحتها خُمس بقية الولايات، وأكثر من ضعف مساحة تكساس، إذ تبلغ مساحتها 1.518.77 كيلومتراً مربعاً، لكن حجمها الكبير يقابله تعداد سكاني قليل نسبة إلى المساحة.

ويختلف الباحثون الروس حول صفقة بيع ألاسكا التي كانت يباباً بلا زرع ولا ضرع، ولم يكتشف الذهب في أعماقها إلا بعد عقود من الصفقة المثيرة للجدل.

فمنهم من يقول إن ألكسندر الثاني باعها، وآخرون يقولون إنها لم تكن صفقة بيع، بل تأجير لمدة 99 عاماً، وكان يجب أن تنتهي عام 1968، في عهد الزعيم السوفيتي ليونيد بريجنيف.

لكن بوريس يلتسين، أول رئيس لروسيا بعد انفراط عقد الاتحاد السوفييتي، والذي عمل على رد الاعتبار للقيصر نيكولاي الثاني وأسرته، لم يطرح مسألة ألاسكا، حين كانت العلاقات في عهده مع البيت الأبيض مثل «السمن على عسل».

إشارة لزيلينسكي

بعض المراقبين يلمّحون إلى أن ترامب، المعروف بحبه للعروض على الطريقة الهوليودية، اقترح ألاسكا مكاناً للقمة مع بوتين، وهو أول رئيس روسي أو سوفييتي ستطأ قدماه ألاسكا.

وبنظرهم، فإن ترامب يريد أن يبعث بإشارة إلى الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي الرافض انضمام المقاطعات الأربع إلى روسيا، بأن بوتين سيلتقيه في أرض كانت روسية وأصبحت أمريكية.

وربما يلاقي توجه ترامب هذا صدى في أوكرانيا نفسها. فها هو عمدة كييف فيتالي كليتشكو يقول لصحيفة «بيلد» الألمانية إن زيلينسكي سيضطر إلى اتخاذ قرار صعب بشأن التنازل عن الأراضي، في سياق تشديده على ضرورة إيجاد حل دبلوماسي لإنهاء الصراع.

في وقت سابق، كانت وسائل إعلام غربية أفادت بأن الولايات المتحدة تطالب أوكرانيا بتقديم تنازلات (في موضوع الأراضي)، لحل النزاع مع روسيا. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال، عن مصادر، أن المقترح الأمريكي للتسوية ينص على انسحاب القوات الأوكرانية من الجزء المتبقي من الأراضي الواقعة تحت سيطرتها بمنطقة دونيتسك (التي ضمتها روسيا خلال الحرب)، كمرحلة أولى نحو تحقيق السلام.

كما أن ترامب صرّح، الجمعة، بأن الولايات المتحدة تدرس مسألة الأراضي «التي دارت حولها معارك منذ ثلاث سنوات ونصف»، وتتوقع «حدوث بعض التبادل في هذا المجال».