ترامب ينصّب اليوم رئيساً.. جموح بلا قيود ينتظر أمريكا والعالم

ترامب يعود إلى البيت الأبيض بعد 4 سنوات على المغادرة غاضباً مقاطعاً مراسم تنصيب جو بايدن
ترامب يعود إلى البيت الأبيض بعد 4 سنوات على المغادرة غاضباً مقاطعاً مراسم تنصيب جو بايدن

يتولى دونالد ترامب، اليوم الاثنين، مهامه رسمياً رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، في مراسم تنصيب تقام بمبنى الكابيتول في العاصمة، وذلك بعد 4 سنوات على مغادرة واشنطن غاضباً مقاطعاً مراسم تنصيب جو بايدن رئيساً، وبعد فشل محاولة أنصاره تغيير نتيجة الانتخابات بعد هجومهم على مبنى الكابيتول. وستكون ولايته زاخرة بالمفاجآت، ومتفلتة من القيود، واعداً بـ«عصر ذهبي» جديد لبلاده، وبملاحقة معارضيه. ويمكن لترامب بسياساته الجامحة، بل الواقعية، أن يلهم بناء نظام عالمي أكثر تقدمية.

فترة استثنائية

العالم أمام فترة استثنائية، تقود القوة الأولى في العالم خلالها شخصية استثنائية، حيث تستعد دول العالم لتبعات أربع سنوات قد تعيد تشكيل موازين القوى، حيث يعود ترامب هذه المرة بثقة متزايدة بقدراته وطموحاته، ومن المقرر أن تعيد ولايته الثانية رئيساً للولايات المتحدة تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية، إذ يضع الأجندة التي يسميها «أمريكا أولاً» في حكم التنفيذ، ما قد يؤثر في حياة الملايين من الناس خارج حدود أمريكا، لكن سيكون أمام تحديات كبرى لتضميد جراح بلد بات بعد حرائق لوس أنجلوس، التي تسببت في خسائر بالمليارات، وسط أزمات اقتصادية واجتماعية متفاقمة، وإرث ثقيل تركه الرئيس السابق جو بايدن من إخفاقات في الملفات المحلية والدولية.

ستكون هذه المرة الأولى التي تقام فيها مراسم التنصيب الرئاسية في مكان مغلق منذ عام 1985، عندما أدى الرئيس رونالد ريغان اليمين الدستورية لفترة رئاسية ثانية، نتيجة انخفاض شديد في درجات الحرارة، لكن ترامب سيعيد الدفء للقاعة مع توقيعه عدداً «قياسياً» من المراسيم الرئاسية قد تكون مثيرة للجدل فور أدائه اليمين الدستورية، علماً أنه أضفى خلال ولايته الأولى نكهة خاصة على السياسة، والدبلوماسية، ومخاطبة القادة.

يقلب الطاولة على شخصيات مقربة منه، يطرد المستشارين بجرة توقيع، وحتى قبل دخوله إلى البيت الأبيض، بدأ ترامب بزعزعة مفهوم سيادة الدول في القانون الدولي من خلال الحديث العلني عن «الحدود الاصطناعية» بين الدول، بالدعوة إلى تحويل كندا (مساحتها أكبر من الولايات المتحدة) إلى الولاية الحادية والخمسين في الاتحاد الفيدرالي، واستعادة السيطرة الأمريكية على قناة بنما (تسلمت بنما القناة من الولايات المتحدة في عام 1999).

دور محوري

لكن ترامب، الذي نجح في تحقيق عودة ظافرة غير متوقعة إلى المعترك السياسي، لم ينتظر حتى تنصيبه الرسمي لتأدية دور محوري في بعض الملفات الحساسة، ففي قضية الحرب الإسرائيلية على غزة، تدخل مبكراً عبر مبعوثه الخاص، ونجح، عكس بايدن، في الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في الموافقة على وقف إطلاق النار والبدء في تطبيقه عشية تنصيبه، والمعروف عن ترامب عدم تردده في اتخاذ خطوات غير تقليدية لتحقيق مصالحه السياسية. ويعيد هذا الاتفاق إلى الأذهان بداية عهد الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان في عام 1981، عندما نجح في إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين في إيران فور تنصيبه.

تسوية أزمات

وسيلتقي ترامب، بعد تنصيبه، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «قريباً جداً» لتسوية الحرب في أوكرانيا بعدما قال إنه لو كان رئيساً في تلك الفترة لما حدثت الحرب، كما دعا ترامب أعضاء الناتو الأوروبيين إلى مضاعفة إنفاقهم العسكري إلى أكثر من 5 في المئة من دخولهم القومية.

ولا يزال الرأي منقسماً حول ما إذا كان سيسحب الولايات المتحدة من الحلف، لكن محللين يقولون إن هناك طرقاً لا تزال لديه لتقويض التحالف دون الانسحاب منه، ولا شك أن نهجه «السلام من خلال القوة» سيدفع عدداً من القادة الأوروبيين إلى الرضوخ لإرادته، كما يعتزم رفع مستوى الحرب الباردة الجديدة، الاقتصادية هذه المرة، بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم؛ الولايات المتحدة والصين، وذلك من خلال تعزيز الحواجز الجمركية أمام الصين، ورفع الرسوم الجمركية على صادراتها إلى الولايات المتحدة.

ولا شك في أن ملامح سياسة خارجية أمريكية جديدة خلال عهد ترامب تعتمد على القوة والتفاوض المباشر لتحقيق المكاسب. ويبدو أن صورة نجاته من الاغتيال «تمثل رمزاً للقوة والصمود في وجه الأزمات»، وذكاء فطرياً في استغلال اللحظات لتعزيز صورته شخصية قيادية تمثل قوة لا يستهان بها.