بين مطالب ترامب وتوازنات الحلفاء.. هل يحقق «الناتو» هدف الإنفاق الدفاعي؟

ترامب في جدال مع الأمين العام السابق لـ «الناتو» ينس ستولتنبرغ خلال قمة الحلف في واتفورد | أرشيفية
ترامب في جدال مع الأمين العام السابق لـ «الناتو» ينس ستولتنبرغ خلال قمة الحلف في واتفورد | أرشيفية

سلطت تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي طالب دول «الناتو» بزيادة الإنفاق الدفاعي من 2 إلى 5%، الضوء على الطريقة التي يتم بها تمويل منظمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» والحصة الكبيرة التي تدفعها الولايات المتحدة لأكبر منظمة دفاعية في العالم، فيما يثار أكثر من تساؤل حول توازنات الحلفاء وقدرتهم الفعلية على تحقيق هدف الإنفاق الدفاعي.

ومن الناحية الحسابية البحتة بالنسبة لألمانيا، فإن حصة «الناتو» البالغة 5% في عام 2025 ستعني إنفاقاً دفاعياً يزيد بشكل كبير على 200 مليار يورو، نظراً للناتج المحلي الإجمالي المتوقع للحكومة الفيدرالية والذي يبلغ 4400 مليار يورو، وفقاً للتوقعات.

تهديدات ترامب

ولطالما اشتكى ترامب من المبلغ الذي تنفقه الدول الأخرى في «الناتو» على الدفاع، مقارنة بالولايات المتحدة، وهدد مراراً وتكراراً بسحب الولايات المتحدة من الحلف، لدرجة قوله إنه سيشجع روسيا على مهاجمة دول «الناتو»، لكن في الواقع الحلف الأطلسي له 3 ميزانيات رئيسية ذات تمويل مشترك تبلغ قيمتها حوالي 3.3 مليارات يورو: «الميزانية المدنية (تمويل المقر الرئيسي لحلف شمال الأطلسي)، والميزانية العسكرية (تمويل هيكل قيادة الناتو)، وبرنامج الاستثمار الأمني التابع لحلف الناتو (تمويل البنية التحتية والقدرات العسكرية)».

وقد ارتفعت نفقات الدفاع لحلف شمال الأطلسي في عام 2024، حيث نفذ 19 من أصل 32 عضواً في التحالف نمواً مزدوج الرقم من حيث القيمة الحقيقية لميزانياتهم العسكرية 2% وتظل الزيادات من قبل الأعضاء الأوروبيين مدفوعة بالتهديد الذي تشكله الحرب في أوكرانيا، لكن إعلان ترامب في أكثر من مناسبة بأنه سيوقف الحرب، وأنه لو كان رئيساً لأمريكا لما كانت الحرب، يطرح تساؤلات هل ستستجيب دول أوروبا لتهديدات ترامب بزيادة ميزانية الدفاع، أم أنها ستتغاضى عن التهديد وتفك الارتباط بواشنطن، بيد أن الولايات المتحدة قوة عالمية كبرى، لها التزاماتها في مناطق العالم المختلفة التي تتعدى أوروبا، علماً أن ما يقرب من 66 % من مجمل النفقات على الدفاع لدى حكومات الدول الأعضاء في حلف الناتو مصدره الولايات المتحدة ثم تليها ألمانيا بنسبة 7%، التي تحدثت عن إنفاق حوالي 90.6 مليار يورو لحلف شمال الأطلسي لعام 2024، ثم بريطانيا 6% ثم فرنسا 4% وإيطاليا 2%.

زيادة الإنفاق

فمثلاً فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، تمثل معاً ما يقرب من 50 في المئة من الإنفاق الدفاعي من جانب الحلفاء غير الأمريكيين، وإضافة إلى ذلك، وافقت الدول على تخصيص 20% من ميزانية الدفاع لنفقات المعدات، بما في ذلك البحث والتطوير، وسيكون من الصعب على لندن وباريس زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل حاد بسبب ارتفاع مستويات الدين العام التي تتجاوز 100% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي الوقت نفسه، فإن ألمانيا على العكس من ذلك تتمتع بإمكانات صناعية كبيرة مع انخفاض مستوى الدين العام (ما يزيد قليلاً على 60% من الناتج المحلي الإجمالي).

ومن المتوقع أن تنفق 11 دولة فقط من بين 31، أكثر من 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع في عام 2025. علماً أنه تم إحراز بعض التقدم، إذ ارتفع الإنفاق الدفاعي لعام 2024 من قبل دول الناتو الأوروبية بنسبة 50% عما كان عليه قبل 10 سنوات.