في منشور لها أمس على منصة «تروث سوشال» وجهت الكاتبة الأمريكية جين كارول رسالة تهنئة ساخرة للرئيس ترامب بيوم ميلاده الموافق في 14 يونيو 1946 وقالت: «عيد ميلاد سعيد، يا سيدي الرئيس!، إليك هديتك، سيدي، كتاب صغير كتبته عن الأحداث المضحكة والعبثية والجنونية والمرحة التي جرت وراء الكواليس في محاكمتيك. تتذكر؟ تلك المحاكمات التي تفوقت فيها عليك مرتين، يمكنك طلبه مسبقاً اليوم، يا سيدي، أو شراؤه يوم الثلاثاء».
كان ذلك أحد منشوراتها الساخرة عن كتابها الذي سوف يصدر غداً الثلاثاء الموافق 17 يونيو الجاري، والمكون من 368 صفحة تحت عنوان «ليس من نوعي: امرأة، واحدة ضد رئيس» كخطوة جريئة ومن كارول للترويج لكتابها الذي يسرد الكواليس حول معركتها القانونية الطويلة مع الرئيس دونالد ترامب، التي أسفرت عن فوزها بحكمين بملايين الدولارات. يُعد كتابها الجديد، الذي يصدر غداً الثلاثاء، وهو بمثابة نافذة سردية ساخرة للأجواء الملحمية للمحاكمات، وتنقل نظرة حية على معركة قانونية غير مسبوقة.
وفي مقابلة مع مجلة نيويورك، وصفت كارول كتابها بأنه «حكاية خلف الكواليس مضحكة، مليئة بالأمل، وكاشفة»، مؤكدة أن قراءة ما يحدث وراء الستار القضائي يمنح القارئ فرصة فريدة ليشعر وكأنه في مقعد أفضل من هيئة المحلفين، متسائلة عن مدى تأثير الضغوط السياسية والإعلامية على العدالة.
عدم إفشاء
تمت عملية بيع حقوق النشر في مارس 2024، وحرصت كارول ودار النشر «سانت مارتن» نيويورك على إبقاء التفاصيل سرية بشكل صارم، حيث أُجبر بائعو الكتب والمكتبات الكبرى في الولايات المتحدة، والتي تمتلك حقوق التوزيع والنشر العالمي على التوقيع على اتفاقيات عدم إفشاء، وتواصلت كارول مع محررتها عبر تطبيق Signal المشفر، في سرية تامة، لضمان أن يبقى الأمر بعيداً عن الأضواء حتى موعد النشر.
سرد درامي
ومن المتوقع أن يحتوي الكتاب الصادر في 368 صفحة على العديد من المعلومات الدقيقة التي جاءت في كواليس المحاكمات وفقاً للأسلوب المعتاد للكاتبة والإعلامية جين كارول، والقائم على السخرية والمرح خلال تصوير الوقائع والأحداث، وكأنها مشاهد سينمائية لمسلسل درامي طويل، ومنها على سبيل المثال المشهد الذي يطلب فيه محامي ترامب منها أن تذكر جميع الأشخاص الذين كانت على علاقة جادة معهم، كما من المتوقع أن يوثق الكتاب، نصوصاً من جلسات المحكمة مليئة بتعليقاتها الملونة التي تبرز روحها النقدية والفكاهية. تحكي عن لحظة التوتر عندما تبادلا النظرات في قاعة المحكمة، وعن الاستجواب الذي تعرضت له حول سبب عدم صراخها أثناء الاعتداء، موضحة أنها لم تكن تريد أن تثير ضجة، وأنها كانت تفضل أن تبقى صامتة، وهو قرار يعكس قوة شخصيتها ووعيها بالموقف.
وأوضحت كارول عبر تعليق لها على منصة إكس، أنها قررت إصدار كتابها لأنها، بصفتها صحفية، لم تستطع مقاومة الرغبة في توثيق تجربة غريبة وملحمية، لا سيما أن شخصياتها كانت فريدة لدرجة أن جوناثان سويفت، الكاتب الساخر العظيم، لم يكن ليبتكرها. إنها تكتب بأسلوبها المميز، الذي يمزج بين الفكاهة والجدية، ليخترق جدار الصمت ويكشف عن ملامح من حياة امرأة تصر على أن تظل صامدة في وجه أعتى التحديات.
رغم عدم وجود مفاجآت كبرى أو اتهامات جديدة في الكتاب، إلا أن دار النشر حرصت على إبقائه بعيداً عن الأضواء حتى يطاله القراء فور صدوره، وفقاً لبيانها الصحفي والذي جاء فيه أن القدرة على العمل مع النصوص ونسجها حول تجربة شخصية بهذا الشكل يجعل من الكتاب عملاً فريداً من نوعه، ويكشف عن جانب من حياة كارول لم يُروَ من قبل.
خدعة سياسية
وفي ردود الفعل الرسمية، وصف فريق ترامب القانوني دعاوى كارول بأنها «خدعة سياسية مدفوعة بأغراض انتقامية»، مطالبين بوقف «استخدام النظام القضائي كميدان للمزايدات السياسية»، معتبرين أن القضية مسيسة بشكل واضح، وأنها جزء من حملة تشويه تستهدف الرئيس ترامب.
83.3 مليون دولار أما كارول، التي كانت قد كشفت في مذكراتها عام 2019 عن اعتداء ترامب عليها في غرفة ملابس فاخرة في بيرجدورف غودمان عام 1996، فقد استمرت في معركتها، ونجحت في النهاية في انتزاع حكم قضائي يدينه ويطالب ترامب بدفع ملايين الدولارات كتعويضات.
ففي مايو 2023، حكمت هيئة محلفين في مانهاتن على ترامب بدفع 5 ملايين دولار، بينما في عام 2024، صدر حكم آخر بمبلغ 83.3 مليون دولار في قضية تشهير منفصلة، وهو مبلغ ضخم يعكس مدى قوة أدلة كارول وثقتها بقضيتها.
ورغم فوزها النهائي، لا تزال القضية قيد الاستئناف، ويُحتجز جزء كبير من التعويضات في صندوق خاص، وتخطط كارول لاستخدامها لدعم قضايا يكرهها ترامب، معتبرة أن المعركة ليست فقط من أجل الحق، وإنما رسالة تحدٍ لسلطة من يحاولون تكميم أفواه النساء.
حياة كارول لم تكن سهلة بعد إطلاق النار على حياتها، إذ زادتها التهديدات على الإنترنت خوفاً على سلامتها، فزودت منزلها بكاميرات مراقبة، وركبت نظام أمن عالي التقنية، وأصبحت تحمل سلاحاً، محاولةً حماية نفسها من موجة هجمات قد تتكرر.
وفي النهاية، تؤكد كارول أنها على يقين أن قصتها ستظل شاهدة على قدرة الإنسان على الصمود، وأنها لا تزال تملك من القوة ما يكفي لمواجهة العاصفة، لأنها تعرف أن الحق دائماً في جانبها، وأن مقاومة الظلم تتطلب شجاعة لا تلين.

