الذكاء الاصطناعي يستدرج السياح إلى قصر باكنغهام بخدعة "السوق الملكي"

لم تكن ساحة قصر باكنغهام، المقر الملكي الشهير في لندن، تشهد أجواء أعياد ميلاد تقليدية، بل كانت مسرحاً لـ "خدعة العصر الرقمي" التي سببت إحباطاً جماعياً لآلاف السياح الدوليين

. فبدلاً من الأكشاك المتلألئة، والمشروبات الساخنة المتبلة، والألحان الاحتفالية الموعودة، وجد الزوار أنفسهم أمام البوابات الأمنية المعتادة.

القصة التي انتشرت كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن "أول سوق ملكي مفتوح"، لم تكن سوى وهم رقمي مُصمم ببراعة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

كان الملصق الإعلاني للسوق المزعوم، الذي تم تداوله بغزارة عبر منصات مثل تيك توك وإنستغرام، يمثل قمة الإغراء الرقمي. ل

م يكن الملصق مجرد صورة، بل كان مشهدًا تفصيليًا مُولَّدًا بالذكاء الاصطناعي يظهر قصر باكنغهام في خلفية ثلجية ساحرة، تتوهج أمامه صفوف منظمة من الأكشاك الخشبية الاحتفالية، محاطة بآلاف من أضواء الكريسماس المتلألئة التي عكست أجواءً دافئة.

الإعلانات النصية المرافقة للمشهد كانت تروج للحدث باعتباره "أول سوق عيد ميلاد ملكي يقام على الإطلاق"، واعدة بتجربة حصرية لا تُنسى من المشروبات المتبلة والموسيقى الموسمية، مما رسخ في أذهان الجمهور فكرة حدث ضخم وساحر لم يكن له وجود في الواقع

بدأت الخدعة بالانتشار السريع على منصات مثل تيك توك و إنستغرام، حيث أظهرت الصور والفيديوهات، التي يُرجح أنها نُفذت عبر أدوات توليد الصور المتقدمة مثل Midjourney أو DALL-E، ساحة القصر وقد تحولت إلى سوق متكامل.

هذه المرئيات المغرية، التي صورت الأكشاك الخشبية والزينة الشتوية دون حواجز أمنية، حققت آلاف المشاركات، واستدرجت سياحاً دوليين غيروا خطط إجازاتهم وحجزوا رحلاتهم بهدف وحيد هو زيارة هذا الحدث الخيالي في أكثر المباني شهرة في لندن، مما أدى إلى خيبة أملهم عند اصطدامهم بالواقع.

أدى هذا الضرر إلى فوضى سفر حقيقية، حيث عبر السياح المحبطون عن غضبهم على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن الوهم الرقمي أفسد رحلاتهم، مما دفع هيئة السياحة وقصر باكنغهام إلى إصدار بيانات رسمية قاطعة، أكدت أنه "لا توجد أي خطط على الإطلاق" لإقامة سوق عيد ميلاد في المقر الملكي، وأن الصور المتداولة لم تُستخدم لأغراض تسويقية رسمية من قبل القصر.

كما شمل التأثير السلبي وكلاء السفر الدوليين الذين اضطروا للتعامل مع سيل من شكاوى العملاء واستعادة الثقة المتضررة.

ودفعت هذه الحادثة بالسلطات والخبراء إلى فتح نقاشات جادة حول ضرورة التدخل التشريعي، حيث أكد الخبراء على الحاجة الملحة لوضع قوانين تجبر منشئي الصور على وضع علامات مائية (Watermarks) أو إخلاء مسؤولية واضح يشير إلى أن المحتوى "مُولَّد بالذكاء الاصطناعي" عند استخدامه في الترويج التجاري أو السياحي.

وتؤكد القصة أن فقدان المصداقية في الترويج لحدث واحد يمكن أن يؤثر سلباً على سمعة قطاع السفر والسياحة بأكمله، مما يتطلب أصالة وشفافية أكبر لمنع المزيد من رحلات خيبة الأمل في المستقبل.