قمة ترامب ـــ بوتين.. رهانات روسية وهواجس أوروبية

بوتين وترامب خلال قمة سابقة في يوليو 2018
بوتين وترامب خلال قمة سابقة في يوليو 2018

على نحو مفاجئ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس، أنه سيتوجه إلى روسيا، يوم الجمعة المقبل، من أجل لقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وفقاً لما نقلت وكالة سبوتنيك الروسية. فهل يصبح اختيار مكان اللقاء على أهمية أكثر من الملفات التي ستناقش فيه؟.

البيت الأبيض والكرملين أعلنا في وقت سابق أن ترامب وبوتين سيجتمعان في ألاسكا، لكن ترامب قال أمس، خلال مؤتمر صحافي كان مخصصاً لإجراءاته الأمنية في واشنطن العاصمة:

«سألتقي مع بوتين. سأسافر إلى روسيا يوم الجمعة. لا يعجبني البقاء هنا (في واشنطن) والحديث عن مدى انعدام الأمن والقذارة والاشمئزاز. لقد غطت رسومات الغرافيتي هذه العاصمة التي كانت جميلة يوماً ما».

يأتي ذلك بعدما كتب الكثير حول العالم عن استحضار التاريخ في تحديد ألاسكا مكاناً للقاء، حيث إنها كانت ملكاً لروسيا قبل أن يبيعها القيصر لأمريكا. وذهب محللون لاعتبار اختيارها مكاناً للقمة إشارة من ترامب للأوكرانيين بأن السلام مع روسيا سيتطلب تنازلاً عن أراضٍ، وهذه في صلب الأهداف الروسية، وكذلك في صلب الهواجس الأوروبية.

على أية حال، قد يكون تصريح ترامب ردة فعل في غمرة الجدل بشأن الأمن والنظافة في واشنطن، وقد يعود إلى ما أعلن سابقاً بشأن مكان اللقاء.

لكن اللقاء وما سيجري فيه هو الأكثر أهمية، إذ إن العديد من الخبراء يتوقعون أن يذهب العديد من القضايا في المنطقة نحو الحل، إذا ما حصل تفاهم بين بوتين وترامب، حتى وإن لم يحسم ذلك من اللقاء الأول.

ويبقى الملف الأوكراني على رأس جدول الأعمال في القمة. وفي هذا السياق اعتبر تقرير أمريكي، أن الكرملين حقق مكاسب قبل القمة، مبيناً أن بوتين نجح في فرض شروطه.

وقال أستاذ السياسة الروسية في «كينغز كوليدج لندن»، سام غرين، للتقرير الذي نشرته صحيفة أمريكية، أول من أمس: «لقد كان أسبوعاً رائعاً لبوتين»، لافتاً إلى أن «الرئيس الروسي قلب الموقف لمصلحته»، حسب «سبوتنيك».

وأشارت الصحيفة إلى أنه بعدما كان بوتين يريد إنهاء الحرب وفقاً لشروطه، فإنه بـ«انتصاره» المتوقع يعني أيضاً «تفكيك التحالف الأمني الغربي».

وتابعت أنه في خلال الأسبوع الماضي، «أعاد بوتين ملف الضغط الأمريكي على أوكرانيا إلى الواجهة، وترك انطباعاً لدى مبعوث ترامب بأن موسكو مستعدة لبحث صفقات بشأن الأراضي، وهو ما رفضته كييف، ما مهّد للقاء فردي بين ترامب وبوتين بعيداً عن زيلينسكي».

وبحسب محللين للصحيفة الأمريكية، فإن بوتين «يسعى لضمان عدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو أو أي تحالفات عسكرية غربية، وعدم استضافة قوات أو بناء جيش يهدد روسيا، ما يبقيها عرضة للخطر، مع احتمال الاكتفاء بوقف الحرب عبر مفاوضات عقارية مع ترامب»، وفق وصفهم.

وتشمل خيارات بوتين، وفقاً للصحيفة، إبرام صفقة يفرضها ترامب على أوكرانيا، أو انسحاب أمريكي من الملف إذا رفضتها كييف، أو استمرار الوضع الحالي حتى استكمال إنهاك أوكرانيا اقتصادياً وعسكرياً. وخلص التقرير بتوقعه أن بوتين، سيخرج منتصراً من قمة ألاسكا، مهما كانت نتائجها.

وحذر محللون أمريكيون من رفض أوروبا وأوكرانيا لمقترح السلام الذي قد يقدمه ترامب في محادثاته مع بوتين، مشيرين إلى أن ذلك قد يؤدي إلى وقف إمدادات الأسلحة الأمريكية إلى كييف وتجدد التهديدات بانسحاب الولايات المتحدة من حلف الناتو.

مقدمة للحلول

وعلّق المستشار القانوني في المفوضية الأوروبية محيي الدين الشحيمي على أهمية لقاء ترامب بوتين، معتبراً أنه «تاريخي وبالغ الأهمية، وسيكون مقدمة للحلول النهائية للأزمة الأوكرانية، ويؤسس للقاءات أخرى».

ومشيراً إلى أن القمة «محاولة لوضع حد للصراع ولامتلاك النقاط المفتاحية لتكون خط النجاة الأساسية». وأضاف «تنطلق الرؤية الأوروبية من أن حل الصراع يجب أن يبدأ من أوكرانيا».

مشيراً إلى أن «أوروبا، تعتبر نفسها جزءاً من الصراع في أوكرانيا، وتصرّ على أن تكون ضمن الحل، من دون إعلان هزيمة مشهودة لأوكرانيا، وأنها تؤيد هذا اللقاء رغم غيابها، ورغم رغبتها بعدم استبعادها من اللقاءات اللاحقة وأي اتفاقات مستقبلية».

وفي حين رحب زعماء أوروبيون بمبادرة ترامب، إلا أنهم طالبوا بمشاركة أوكرانيا وأوروبا في المحادثات. ورأوا أن «لا قرارات بشأن أوكرانيا من دون أوكرانيا، ولا قرارات بشأن أوروبا من دون أوروبا»، وفقاً لموقع «سكاي نيوز عربية».

ومن المنطلق ذاته، قالت الحكومة الألمانية أمس: إن المستشار فريدريش ميرتس يعتزم إجراء مشاورات غداً الأربعاء مع ترامب وزيلينسكي وزعماء أوروبيين بشأن أوكرانيا واللقاء بين ترامب وبوتين.

وحذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس، من الخضوع لمطالب بوتين لإنهاء الحرب، وذلك قبل أيام من القمة. وقال «ترفض روسيا وقف القتل، ولذلك لا يجب أن تحصل على أي مكافآت أو منافع. هذا ليس موقفاً أخلاقياً فحسب، بل عقلانياً».