في غمرة الجدل حول قرارات الحكومة اللبنانية، في جلستيها الثلاثاء والخميس الفائتين، في ما يتعلق بقرار حصريّة السلاح بيد الدولة، والموافقة على أهداف الورقة الأمريكية التي وضعها الموفد الرئاسي توم برّاك وسلّمها للحكومة ورؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان.
أفادت مصادر حكومية لـ«البيان» بأن الفترة الممتدة حتى نهاية الشهر الجاري، والمحدّدة من مجلس الوزراء للجيش اللبناني من أجل وضع خطّة تطبيقية لحصر السلاح، وتحديداً سلاح «حزب الله»، هي فترة انتظار للخطّة الموعودة.
فيما يُفترض أن ينقل برّاك إلى المسؤولين اللبنانيين، خلال زيارته المرتقبة الاثنين المقبل، الموقف الإسرائيلي الرسمي من قرارَي الحكومة تكليف الجيش وضع خطّة لجمع السلاح، والموافقة على أهداف ومبادئ الورقة الأمريكية، وذلك في ظلّ توقعات أن يكون هذا الموقف سلبياً أو لا يكون أصلاً.
شوط مهم
وفي السياق، علمت «البيان» أن المؤسّسة العسكرية قطعت شوطاً مهماً من مرحلة تجهيز هذه الخطّة، وأنه من غير الوارد أن تطلب القيادة وقتاً إضافياً لإنجازها، تتعدّى نهاية الشهر الجاري، في حين تتحدث مصادر مطلعة عن خطة متكاملة سيتمّ تقديمها إلى الحكومة، مفصّلة بالتواريخ، وتشمل إجراءات دقيقة تجمع بين سلاح المخيمات الفلسطينية ومخازن أسلحة «حزب الله» على امتداد الـ10452 كلم2.
وتبقى المرحلة الأكثر حساسية، بعد إنجاز خطة قيادة الجيش وتبنّيها من مجلس الوزراء، بما يصعب معه من الآن الخوض في التوقعات المتسرّعة، وذلك في انتظار بلورة المناخات حتى نهاية الشهر الجاري على الأقلّ.
وعلى المسافة الفاصلة، فإنّ المشاورات بين الرئاسات الثلاث متواصلة، وقاعدتها أن ثنائي «حركة أمل»- «حزب الله» لن يصعّد سياسياً ولا شعبياً أو أمنياً. وبمعنى أدقّ، فإن حجم اعتراض «الثنائي» سيبقى محصوراً ضمن الخطاب السياسي فقط وأطر المؤسّسات، وقد أبلغ من يعنيهم الأمر ببقاء نوّابه ووزرائه في مجلس النواب والحكومة، وعدم استعماله الشارع كأداة تفجيرية أو لخلق صدام داخلي.
أما السيناريوات المتصلة بتصاعد رفض الثنائي لقرارَي مجلس الوزراء، فلا يبدو أنها ستتجاوز ما حصل حتى الآن، إن سياسياً وحكومياً بعدم الذهاب أبعد إلى استقالة وزرائه، أو «شارعياً» بعدم تجاوز التعبير السلبي بالتظاهرات الدرّاجة، لا أبعد.
وأكدت مصادر دبلوماسية لـ«البيان» أن على لبنان أن يحدّد اتجاهه النهائي في القريب العاجل، فإما أن يصبح دولة مكتملة المواصفات، من دون ميليشيات، أو يبقى خارج منظومة الاستقرار الإقليمي وخارج منظومة التطور والازدهار.
وأشارت المصادر إلى تناغم قطبَي السلطة التنفيذية، أي رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نوّاف سلام، في إدارة أدقّ الاستحقاقات الوطنية، وهو نزع سلاح الحزب، إذْ تبدو السلطة موحّدة في رؤيتها إلى المستقبل، في سابقة قلّما عرفها لبنان عند المفترقات التاريخية الكبرى. ذلك أن سلام كان رأس حربة «الجدول الزمني» لنزع السلاح.
فيما برز الدور الحازم للرئيس اللبناني، خلال إقرار «الأهداف الـ11» لمذكرة الموفد الأمريكي برّاك بعد التعديلات التي أدخلها الجانب اللبناني، إذْ أدار الدفّة بمسؤولية، آخذاً بالاعتبار هواجس المتوجّسين، بحيث لا يتخذ النقاش طابع الحدّة أو التحدي.
وذلك إيذاناً بمرحلة جديدة من شأنها تثبيت بسط سلطة الدولة وسيادتها، ووقف الأعمال العدائية وإنهاء كلّ وجود مسلّح غير شرعي، وانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس جنوباً وإعادة الجنوبيين إلى أراضيهم، وترسيم الحدود بين لبنان وكلّ من إسرائيل وسوريا.