حلف الناتو.. كم تبلغ تكلفته ومن يدفع؟

حلف "الناتو" هو تحالف دولي يضم 32 دولة من أوروبا وأمريكا الشمالية، تأسس عام 1949 بتوقيع معاهدة شمال الأطلسي والتي تنص المادة الخامسة على أن أي هجوم مسلح على دولة عضو يُعد هجوماً على جميع الأعضاء، ويلزم باقي الدول بتقديم الدعم، بما في ذلك القوة المسلحة إذا لزم الأمر.

هيكل القيادة

يتضمن الناتو مستويين: سياسي وعسكري، المستوى السياسي يضم لجنة شمال الأطلسي، حيث يجتمع السفراء لاتخاذ قرارات بالإجماع، المستوى العسكري يشمل اللجنة العسكرية بقيادة الأدميرال الإيطالي جوزيبي كافو دراغون، إضافة إلى المقر الأعلى لقوى الحلفاء في أوروبا في مونس، بلجيكا، الذي ينقل التعليمات العملياتية وينسق المهام العسكرية وفق Corriere della Sera.

تفعيل الحلف

يمكن تفعيل رد الناتو بناءً على قرار سياسي، يتخذ عادةً بالإجماع من قبل القادة، كل دولة تختار ما إذا كانت ستشارك بقواتها، ما يمنع الشلل السياسي. تسهم الولايات المتحدة بشكل رئيسي في التخطيط والتنفيذ، لكنها تتحرك بشكل مستقل حسب مصالحها.

مساهمة الدول الأعضاء

في السنوات الأخيرة، زاد عدد الجنود الأمريكيين في أوروبا من حوالي 63 ألفاً عام 2021 إلى نحو 100 ألف جندي، مع تركزهم في بولندا ورومانيا ودول البلطيق.

تساهم الولايات المتحدة بحوالي 16% من ميزانية الناتو، الجزء الأكبر من الإنفاق العسكري تتحمله الدول الأعضاء مباشرة، ويُقدر إنفاق الناتو لعام 2024 بنحو 1,506 مليار دولار، منها 997 مليار من الولايات المتحدة، والجزء المتبقي من أوروبا وكندا.

تعزيز الدفاع الأوروبي

بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، قام الناتو بتعزيز الجبهة الشرقية، وإنشاء أربع كتائب في دول البلطيق وبولندا بين 2017 و2022، مع مشاركة إيطاليا في بلغاريا والمجر ولاتفيا. كما تستضيف إيطاليا قواعد جوية وبحرية أمريكية مدمجة في نظام الدفاع الناتو، ما يتيح تفعيلها عند الأزمات.

التحديات المالية والسياسية

تبلغ ميزانية الناتو التشغيلية 4.6 مليارات يورو لعام 2025، و5.3 مليارات لعام 2026، لتغطية البنية التحتية والتدريب والرواتب، رغم ذلك، يتحمل كل عضو الإنفاق العسكري الوطني الإضافي، الذي يشمل صيانة القوات والقواعد، وليس جزءاً مباشراً من ميزانية الناتو.

في عام 2023، أعلنت قمة فيلنيوس زيادة حصة الدول الأعضاء من 2% إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035، كالتزام سياسي لتعزيز الدفاع الجوي، كتائب المناورة، وزيادة الأسلحة بعيدة المدى والخدمات اللوجستية.

الولايات المتحدة غالباً ما تبرز مساهمتها الكبيرة، لكنها تشمل ميزانيتها العسكرية بالكامل، مع تخصيص جزء صغير لأوروبا، فيما تبقى الأموال المتبقية لحماية أراضيها وقواعدها العالمية.

الناتو في مواجهة التحديات

الناتو يواجه تحديات متعددة، أبرزها التوازن بين الإنفاق الوطني والالتزامات الدولية، والتنسيق بين الدول الأعضاء، مع الحاجة إلى الحفاظ على جاهزية القوات للرد السريع على أي تهديد.

رغم تعدد القواعد الأمريكية في أوروبا، لا يمكن لأي دولة تقدير تكلفة تواجدها أو الترسانة النووية المخزنة، مما يعكس اعتماد الحلف على الدعم الأمريكي مع الحفاظ على استقلالية الدول الأعضاء في اتخاذ قراراتها العسكرية.

الناتو ليس مجرد تحالف عسكري، بل شبكة من الدول الأعضاء تتعاون سياسياً وعسكرياً، مع قيادة أمريكية قوية، ميزانيته تعتمد على المساهمات المتنوعة بين الدول، والولايات المتحدة تتحمل الجزء الأكبر، لكنها توظف جزءاً محدودداً من إنفاقها لحماية أوروبا.

تعزيز الدفاع الجوي وكتائب المناورة يمثلان أولوية للناتو في مواجهة تهديدات روسيا وأزمات أخرى محتملة، تظل إيطاليا شريكًا فاعلاً في مختلف العمليات، سواء عبر مشاركة قواتها أو استضافة قواعد أمريكية مدمجة في منظومة الدفاع الأوروبي.