هل سيحول «المثلث الزمردي» جنوب شرق آسيا لساحة حرب؟

جددت التوترات المتصاعدة بين تايلاند وكمبوديا على الحدود المشتركة بين الدولتين، بعد انهيار وقف إطلاق النار الهش، الذي دعمته الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب. ما يزيد من المخاوف حول تحول جنوب شرق آسيا لساحة حرب جديدة.

«المثلث الزمردي» قد تبدو منطقة حدودية هادئة على الخريطة، لكن الاشتباكات والتحركات العسكرية الأخيرة، جعلتها بؤرة توتر، تُهدد الآن بإشعال حرب جديدة، علماً بأن الصراع بين بين البلدين ليس جديداً، بل تعود جذوره إلى أكثر من قرن من الزمن، عندما رُسمت الحدود بينهما، بعد زوال الاحتلال الفرنسي عن كمبوديا، تاركاً وراءه خطوطاً غير واضحة، ويعود النزاع إلى عام 1907، عندما قامت السلطات الاستعمارية الفرنسية، التي كانت تسيطر على كمبوديا، برسم خريطة الحدود مع تايلاند، حيث تؤكد بانكوك أن بعض المناطق، لا سيما تلك التي تضم معابد تاريخية، مثل «بريا فيهير»، لم تُرسم بدقة أو أهملت، ما أدى إلى خلاف مستمر بشأن السيادة على أجزاء من الحدود، فيما تؤكد كمبوديا أحقيتها في المنطقة التي تعرف بالمثلّث الزمردي، والتي تتقاطع فيها حدود البلدين مع حدود لاوس.

تواصلت المعارك الحدودية بين تايلاند وكمبوديا الأحد، مع دخول النزاع الذي أودى بـ 26 شخصاً، أسبوعه الثاني، بعدما نفت بانكوك التوصل إلى وقف لإطلاق النار، كما كان قد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأعلنت وزارة الصحة التايلاندية، أمس، بأن مدنياً قُتل اليوم الأحد خلال اشتباكات حدودية مع كمبوديا، في أول وفاة لمدني في البلاد منذ تجدّد النزاع الطويل الأمد قبل أسبوع. فيما قالت وزارة الخارجية التايلاندية، إن العمل العسكري ضد كمبوديا، سيستمر حتى يتم تأمين سيادة تايلاند وسلامة أراضيها.

تصاعدت التوترات بشدة عام 2008، عندما حاولت كمبوديا تسجيل معبد يعود إلى القرن الحادي عشر، يقع في منطقة متنازع عليها، ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونيسكو باسمها، وهو ما قوبل برفض شديد من جانب تايلاند. وسعت كمبوديا إلى الحصول على حكم من محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، بشأن المناطق المتنازع عليها، بما في ذلك منطقة تعرف بالمثلّث الزمردي، والتي تتقاطع فيها حدود البلدين مع حدود لاوس، لكن تايلاند لا تعترف باختصاص محكمة العدل الدولية، وتقول إن بعض المناطق على طول الحدود لم يتم ترسيمها بالكامل، بما في ذلك مواقع العديد من المعابد.

وتوقع محللون أن الصراع عاد إلى الواجهة بتدخل دولي، حيث إنه من وجهة نظر القوى الكبرى، كسب ودّ تايلاند أو كمبوديا — أو على الأقل، تحييدها، يعزز قدرة هذه القوى على تنفيذ استراتيجيات أوسع في آسيا: من التجارة، إلى الأمن، إلى شبكة التحالفات.

وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الجمعة، إنه تمكن من وقف الاشتباكات الدائرة بين تايلاند وكمبوديا، وأعلن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن الحكومتين اتفقتا على وقف القتال، بعد أن تحدث مع زعيميهما عبر الهاتف.
وشهد ترامب، في 26 أكتوبر الماضي، مراسم توقيع اتفاق سلام بين تايلاند وكمبوديا، في العاصمة الماليزية كوالالمبور. وقال ترامب، في كلمة بعد توقيع الاتفاق: «أنهينا الحرب الثامنة في عهد إدارتي». وتابع: «نجحنا في إنهاء الصراع بين تايلاند وكمبوديا. أهنئ قادة البلدين على اتفاق السلام».

وكان ترامب قد استخدم التهديد بفرض رسوم جمركية أعلى على كلا البلدين، كوسيلة ضغط لدفعهما إلى الموافقة على إنهاء القتال، الذي أسفر عن مقتل العشرات، ونزوح مئات آلاف السكان. لكن الطرفين تبادلا منذ ذلك الحين الاتهامات بخرقه.