ليبيا تودع 2025 بأزمة نقدية طاحنة و«المركزي» يحذر من حصار مالي دولي

طوابير
طوابير

تواجه ليبيا أزمة مالية طاحنة، وقد وصف محافظ المصرف المركزي، ناجي عيسى، الوضع الحالي بالكارثي. وقال إن الدولة مهددة بفقد السيطرة على مواردها من النقد الأجنبي، والعجز عن حماية القدرة الشرائية لليبيين، في حال لم يتم توحيد قنوات الاستيراد تحت مظلة القطاع المصرفي، محذراً من سيناريو حصار مالي دولي، بالنظر إلى أن المنظمات الدولية، مثل مجموعة العمل المالي، تراقب بدقة تدفقات الأموال.

ونبه عيسى من أن استمرار حالة الفوضى، سيدفع المصارف المراسلة في الخارج إلى قطع علاقاتها مع البنوك الليبية، ما يؤدي إلى عزلة تامة تعجز معها الدولة عن استيراد السلع الأساسية والدوائية، داعياً رئيس حكومة الوحدة الوطنية، المنتهية ولايتها، عبدالحميد الدبيبة إلى التدخل الفوري لتقنين عمليات الاستيراد، وذلك بسبب أخطار عدة تتهدد الاستقرار المالي والأمني، ومن أبرزها الاستيراد غير الممول مصرفياً الذي يعتمد بشكل كلي على شراء العملة من السوق الموازية، ما يزيد الطلب عليها ويرفع سعر الصرف أمام الدينار.

وكان الدبيبة قد بحث، الأربعاء الماضي، مع محافظ المصرف المركزي ملفات توفير السيولة النقدية والاعتمادات المستندية والحد من المضاربة في السوق الموازية، والجهود المبذولة لضمان توفير السيولة النقدية، وتحسين مستوى الخدمات المصرفية، حيث تناول الطرفان التنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة بشأن فتح الاعتمادات، بما يسهم في دعم الاستقرار الاقتصادي، وتلبية احتياجات السوق، والحد من المضاربة في السوق الموازية، وتهريب العملة للخارج، وتشديد إجراءات وضوابط غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وقال المكتب الإعلامي لحكومة الوحدة أن الدبيبة أكد «دعمه الكامل لجهود مصرف ليبيا المركزي في التغلب على الصعوبات»، مشدداً على أهمية الاستمرار في العمل ببرنامج «راتبك لحظي»، «ليس فقط لتيسير حصول المواطنين على رواتبهم دون تأخير، وإنما للحد من الهدر في الباب الأول، مع تأكيد إلزام جميع القطاعات بتطبيقه»، في حين شدد عيسى على «التزام المصرف المركزي بحل مختنقات السيولة وفقاً للخطة الموضوعة، واتخاذ الإجراءات اللازمة بما يضمن انتظامها، وتحسين الخدمات المصرفية المقدمة للمواطنين، وتعزيز خدمات الدفع الإلكتروني».

وفي شرق البلاد، أصدر رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان أسامة حماد، قراراً بتشكيل لجنة مختصة لمعالجة أزمة السيولة النقدية والتدفقات المالية داخل المصارف، تتولى اتخاذ التدابير والإجراءات القانونية والتنظيمية اللازمة كافة لمواجهة أزمة توافر التدفقات المالية داخل المصارف، والعمل على ضمان انتظامها، ومعالجة أوجه القصور، والإشراف على آليات توزيعها، ومتابعة النقاط الأمنية لضبط السيولة النقدية المنقولة بين المدن بما لا يتجاوز الحد المسموح به، ومتابعة التنفيذ بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، بما يكفل حماية الاستقرار المالي.

وفي إحاطتها أمام مجلس الأمن، أكد رئيسة البعثة الأممية هانا تيتيه أن الانقسام المالي المستمر في ليبيا لا يزال يُقوّض الاستقرار الاقتصادي والدينار الليبي، ويُضعف تقديم الخدمات، ويُزعزع ثقة الجمهور في مؤسسات الدولة.

ومن هذا المنطلق، وقّع ممثلون عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بليبيا، في 18 نوفمبر، اتفاقاً لوضع برنامج تنموي موحد كإطار عمل مشترك للإنفاق التنموي. وتعد البعثة هذه الخطوة بنّاءةً في الاتجاه الصحيح، إذ تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي من خلال تطبيق ضوابط الإنفاق، ودفع مبادرات التنمية في جميع أنحاء البلاد بطريقة رشيدة وشاملة.

وتابعت تيتيه، أنه في حال جرى تنفيذه بشفافية ورقابة فعالة، وبما يتسق والقانون الليبي ومعايير الإدارة المالية العامة الدولية، فإنه يمكن أن يساعد في معالجة التحديات الاقتصادية الأساسية، ومنها تعزيز توفير السلع والخدمات العامة للسكان، مشيرة إلى أن البعثة على أتم الاستعداد لدعم المؤسسات الليبية في توحيد وتعزيز الهيكل الرقابي والتنظيمي المنقسم في البلاد، لتمكين التنفيذ المتسق للاتفاق. وتحث البعثة الأطراف الليبية على مواصلة الحوار، للتوصل إلى اتفاق بشأن موازنة وطنية موحدة.

وسبق لمصرف ليبيا المركزي الإعلان عن تعاقده في أكتوبر الماضي على طباعة 60 مليار دينار (11 مليار دولار) لضمان توفر السيولة النقدية «بشكل متوازن ومستقر»، وقال إنه «تم تسلّم ما يقارب 25 مليار دينار (4.58 مليارات دولار) وتم توزيعها على المصارف، وجارٍ توريد ما يقارب 14 مليار دينار (2.56 مليار دولار) ستصل بالكامل قبل نهاية العام الجاري»، على أن يستمر توريد 21 مليار دينار (3.85 مليارات دولار) المتبقية من إجمالي القيمة المتعاقد عليها، سيستمر خلال عام 2026، لكن الوضع مع ذلك لم يتحسن وتفاقمت الأزمة أكثر في البلد النفطي الثري بما تسبب في ضغط غير مسبوق على معيشة السكان المحليين.