تعديل وزاري في حكومة الدبيبة.. هل تحمل تغييرات على المشهد الليبي؟

أعلنت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا في بيان، أنها بصدد الإعلان، خلال الأيام القريبة القادمة، عن تعديلات حكومية إصلاحية تشمل سدّ الشواغر الوزارية في عدد من الحقائب.

وأوضحت الحكومة أن هذه الخطوة تهدف إلى رفع مستوى الكفاءة وتعزيز الأداء المؤسسي، إضافة إلى توسيع دائرة التوافق السياسي بما يدعم متطلبات المرحلة المقبلة واستحقاقاتها.

وكشف وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية، وليد اللافي، عن تفاصيل وشكل التعديلات الحكومية المرتقب، وقال في تصريحات صحفية. إن التعديلات ستركز بشكل أساسي على معيار الكفاءة، مع مراعاة التوزيع الجغرافي العادل ليشمل كافة المناطق الليبية دون استثناء، مشيراً إلى أن التغييرات ستطال عدداً من الوزارات السيادية والخدمية، وستشمل سد الشواغر وتعويض بعض الوزراء، إضافة إلى عمليات تغيير واستبدال لآخرين، مردفاً أن التشكيلة الجديدة ستشهد تمثيلاً كبيراً لفئة الشباب ضمن خطط إصلاحية ورؤية حكومية موسعة.

وتابع اللافي أن التعديلات ستشهد تخصيص وزارة تعنى بريادة الأعمال والمشروعات الناشئة، بالإضافة إلى استحداث حقيبة وزير دولة مخصصة لملفات الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، لمواكبة التطورات التقنية العالمية، مبرزاً أن عدد الوزارات لن يرتفع، حيث ستحافظ الحكومة على نفس الهيكل الوزاري الحالي، مع إجراء تعديلات في تسميات بعض الحقائب، وفق قوله.

حقائب سيادية

وأوضحت أوساط مطلعة لـ«البيان» أن التعديل سيطال وزارة الخارجية والتعاون الدولي التي يشرف حالياً على تسييرها طاهر الباعور منذ أن اضطرت الوزيرة نجلاء المنقوش إلى مغادرة البلاد أواخر أغسطس 2023 بعد قرار من رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة بإقالتها على خلفية لقاء أجرته مع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في إيطاليا.

أما وزارة الداخلية، فكان الدبيبة قد كلف عماد الطرابلسي بتسيير مهامها مؤقتاً منذ نوفمبر 2022 بعد أن كان وكيلاً عاماً بها، ومنذ ذلك التاريخ وهو يشرف على إدارة الوزارة من دون قرار رسمي بتثبيته.
ومنذ تشكيل الحكومة وحصولها على ثقة البرلمان في مارس 2021، لا تزال حقيبة الدفاع دون وزير، ويتولى إدارتها رئيس الحكومة بنفسه رغم دعوات عدة بضرورة أن يتم تكليف شخصية وطنية مستقلة بإدارتها وبالتالي للمساهمة في جهود توحيد المؤسسة العسكرية التي ما انفكت تراوح مكانها.

وزراء مستقيلون

وفي مايو الماضي، تقدم 5 وزراء باستقالتهم من الحكومة على خلفية الاضطرابات الأمنية بالعاصمة، هم بدرالدين التومي وزير الحكم المحلي في حكومة الوحدة، أبوبكر الغاوي وزير الإسكان والتعمير، محمد الحويج وزير الاقتصاد والتجارة، رمضان أبوجناح نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة الليبي، ووكيل وزارة المواد المائية في حكومة الوحدة المكلف بتسيير أعمال الوزارة محمد فرج قنيدي.

 وبرى مراقبون، أن الوزراء المستقيلين، اختاروا الانضمام إلى موجة الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة بعد حالة الاقتتال بين قوات تابعة للحكومة وأخرى للمجلس الرئاسي، وأن قرار الاستقالة أكد أنه لا يمكن الفصل بين المواقف السياسية والانتماءات الاجتماعية القبلية والجهوية والمناطقية في ظل استمرار غياب الدولة وتفاقم حالة الانقسام.

وزراء موقوفون

تولى القضاء الليبي خلال السنوات الماضية ملاحقة عدد من الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية بتهم تتعلق بالفساد وهو ما جعل مواقعهم تشهد حالة شغور، من بينهم وزير التربية والتعليم على العابد الذي أمرت النيابة العامة في نوفمبر الماضي بحبسه رفقة المدير العام لمركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية، على ذمة التحقيق لإضرارهما بالمصلحة العامة وإخلالهما بالحق في التعلم، حيث تم اتهامهما بالتقصير في ملف طباعة الكتب المدرسية.
وجاء توقيف الوزير بعد 7 شهور من صدور الحكم بالسجن على سلفه في قضية تتعلق بتقصير في ملف طباعة الكتب المدرسية، حيث إنه يتولّى مهام وزارة التربية بالنيابة عن موسى المقريف الذي حكم عليه في مارس الماضي بالسجن 3 سنوات ونصف السنة عندما كان في منصبه على خلفية أزمة نقص الكتب المدرسية عام 2021.

وفي مايو الماضي، أمرت النيابة العامة بحبس وزير الصحة رمضان بوجناح ومسؤولين كبار في حكومة الوحدة الوطنية على خلفية مخالفات في استيراد أدوية أورام من العراق،

وفي أغسطس 2024 أعلن مكتب النائب العام، عن صدور قرار بحبس وزير النفط والغاز المكلف خليفة عبدالصادق ومدير مكتبه على ذمة قضية تتعلق بمخالفات، كادت تكلّف الوزارة ما يقرب من 500 مليون دولار.

استباق للتحولات المقبلة

وبحسب محللين، فإن الدبيبة يسعى من وراء التعديل الوزاري إلى قطع الطريق أمام المنادين بتشكيل حكومة جديدة وفق مخرجات خريطة الطريق الأممية أو أي اتفاق قد يحصل بين مجلسي النواب والدولة خلال الفترة المقبلة.

وقال الدبلوماسي الليبي السابق، حسن الصغير، إنه مع بدء سريان مهلة الستة أشهر التي فرضتها الإدارة الأمريكية على البعثة قبل الشروع في تغيير السلطة التنفيذية، والتي بدأ عدها التنازلي مع انطلاق الحوار المهيكل، باشر الدبيبة محاولاته لإجراء تغيير حكومي، معتبراً أن هذه الخطوة تأتي، في إطار محاولة الإبقاء على الحكومة بشروط عام 2021 التي تم الإخلال بها لاحقا، مشيراً إلى أن عدد الوزارات الشاغرة في حكومة الدبيبة بلغ 16 وزارة، نتيجة استقالات وهروب وإيقافات قضائية.

وأضاف أن من بين أبرز الوزارات الشاغرة وزارات الداخلية والدفاع والخارجية، إلى جانب مناصب أخرى على الهامش، تشمل نائب رئيس وزراء عن الجنوب، ووزارات التعليم والصحة والتخطيط والمرافق والحكم المحلي.