حيث لا يُنظر إلى الاستقرار كونه حالة ساكنة، بل كونه منظومة متحركة تُدار بوعي عالٍ، واستباقية مستمرة؛ فالرهان على الإنسان، والالتزام بالمستقبل، والانفتاح على العالم، ثلاثية تشكل جوهر الفكر، الذي تقوده اليوم قيادة دولة الإمارات.
ويُعد يوم «عهد الاتحاد» مناسبة، تعبر عن التزام متواصل من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، بمواصلة مسيرة التطوير، التي وضعت الإنسان في صلب أولوياتها، وجعلت من الريادة هدفاً استراتيجياً للدولة.
فكر معاصر
وقد تجسد ذلك عبر برامج تنموية واسعة النطاق، تستهدف التعليم، والصحة، والإسكان، والمهارات المستقبلية، فلم يعد المواطن مجرد متلقٍ للسياسات، بل بات شريكاً في صياغتها ومساهماً في تنفيذها.
وهذا ما يتجسد في المبادرات الحكومية، التي باتت تعكس هذا التوجه من خلال دعم الكفاءات الوطنية، وإطلاق برامج لتأهيل الشباب، وربط التمكين الوظيفي بالاحتياجات الفعلية لسوق العمل.
مرونة تشريعية
حوكمة مرنة
نهج دبلوماسي
هوية متجذرة
وتكشف هذه الفلسفة عن قائد يدير هذه الديناميكية نحو أفق أرحب، فرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لا تقتصر على قيادة التحولات الاقتصادية أو الدبلوماسية أو السياسية أو التجارية أو التقنية، بل تمتد إلى بناء فلسفة عميقة، تضع الإنسان في مركز كل تغيير.
إذ يؤمن سموه بأن النجاح الحقيقي يبدأ من الفرد، الذي يتمكن من تطوير ذاته ليصبح شريكاً حقيقياً في بناء مجتمعه. وما يميز فكر سموه هو إدراكه أن التحولات الكبرى يجب أن تكون منطلقة من قيم راسخة، وأن القيادة ليست في القدرة على التوجيه فحسب، بل في تمكين كل فرد من أن يصبح قائداً في مجاله، بحيث يعيد تشكيل بيئته وحياته استناداً إلى وعيه ودوره الفاعل.
وهذه ليست مجرد فكرة نظرية، بل واقع محكوم بصيرورة دائمة، منذ أن قاد المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، هذا الوطن إلى مسارات يحكمها تاريخ طويل من الجهود الدؤوبة في تمكين عهد جديد لوطن يشرئب نحو الشمس.
استثمار مستدام
فالمعادلة التي تتبناها القيادة تقوم على تقليل الاعتماد على الطرق الاقتصادية التقليدية، وتوسيع قاعدة النمو من خلال قطاعات مثل التكنولوجيا، والطاقة النظيفة، والفضاء، والخدمات المالية، والسياحة المستدامة.
وقد ترافقت هذه التحولات الاقتصادية مع نهج واضح في تمكين المرأة، ليس بوصفها ملفاً اجتماعياً بل قضية تنموية أساسية، فالقيادة تؤمن بأن ملف تمكين المرأة هو ركيزة في بناء مجتمع متماسك ومنتج، ولهذا شهدنا حضوراً متنامياً للمرأة الإماراتية في مختلف القطاعات، بما في ذلك مراكز القرار، والمؤسسات السيادية، والمجالات العلمية والبحثية.
في مجال الأمن والاستقرار اعتمدت القيادة الرشيدة نهجاً استباقياً يعالج التحديات قبل أن تتفاقم، فالأمن في دولة الإمارات مرهون بسياسيات واضحة ورصينة، وهو منظومة متكاملة تشمل الأمن السيبراني والغذائي والصحي والمجتمعي، وتدل الاستراتيجيات الوطنية على وعي عميق بطبيعة التهديدات في العالم المعاصر، ووضع خطط واضحة، ما يجعل الدولة في موقع دفاعي متقدم.
استدامة بيئية
ويمتد الفكر القيادي إلى الشأن المعرفي والثقافي، حيث تركز السياسات الثقافية الحديثة على ترسيخ الهوية، وتشجيع الإبداع، وتوسيع نطاق النشر والترجمة، وإنشاء المتاحف والمؤسسات الفكرية، وهو ما يجعل من الثقافة أداة لتعميق الانتماء، وتوسيع الوعي العام.
كما أظهر التعامل مع الأزمات، مثل جائحة كورونا والتقلبات الاقتصادية، مرونة القيادة وقدرتها على إدارة الأزمات بعزم واقتدار، فعندما واجه العالم تحديات كبرى كانت الإمارات من أوائل الدول، التي طبقت سياسات فعّالة، ووفرت الحماية لمجتمعها، واستمرت في تقديم الخدمات دون انقطاع، وقد عُدّ ذلك نموذجاً يُحتذى به في التوازن بين الإجراءات الصحية، والحفاظ على النمو الاقتصادي.
صناعة معرفية
ومن هذا المنطلق طورت الدولة مناهجها لتواكب المتغيرات، ووسّعت نطاق الشراكات مع أرقى الجامعات العالمية، كما شجعت البحث العلمي والابتكار وربطته باحتياجات التنمية، وهذا التوجه يعكس إيمان القيادة بأن الاستقلال الحقيقي لا يتحقق إلا بامتلاك ناصية المعرفة.
سياسة خارجية مرنة
وهو ما جعل الإمارات لاعباً موثوقاً في قضايا الأمن الغذائي، والطاقة، والمناخ، والتكنولوجيا، والعمل الإنساني، بما يعكس فلسفة السياسة الخارجية الإماراتية في تعزيز السلام والتنمية المستدامة.
سياسات وقائية
ولهذا تبنّت الإمارات سياسات وقائية تستبق التحديات، وتوازن بين الحريات والضوابط، وتُعلي من سيادة القانون بوصفه ضماناً للاستقرار والعدالة والتنمية المتوازنة، ويعكس هذا النهج المتكامل الذي تنتهجه القيادة الإماراتية، إدراكاً عميقاً بأن المستقبل لا ينتظر، بل يصنع.
وهو فكر لا يقوم على رد الفعل، بل على المبادرة والتخطيط الاستراتيجي طويل الأمد، وفي هذا الإطار تتجلى تجربة الإمارات نموذجاً إقليمياً فريداً، يجمع بين طموح لا يعرف الكلل، وعمل مؤسسي منضبط، وقيادة تتقدم الصفوف، وتؤمن بأن بناء الدولة مهمة لا تنتهي، بل تتجدد في كل لحظة، ومع كل تحدٍ، وبكل جيل جديد.

